الثلاثاء، 4 يونيو 2013

04) الغيرة في كل مكان \ من مذكرات آمنة عمر امغيميم \ حصري لواحتي الغالية


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الغيرة في كل مكان
كانت " روزا " رفيقتي الإيطالية في العمل ..
عمل يتطلب اللباقة و الابتسامة الدائمة و صبر أيوب .. " روزا " عدوة اللباقة و الابتسامة و قليلة الصبر , و كنت هدفها الذي تصوب نحوه سهامها و تمارس عليه تقلبات مزاجها .
قبل الهجرة إلى إيطاليا كنت أسمع ان الشعب الإيطالي كباقي شعوب أوروبا ظريف و مهذب .. متسامح و نواياه دائماً صافية نقية .. لا يعرف معنى الحقد و الحسد و الغيرة .. يتعامل بنية حسنة و صراحة مقبولة .. و هذه كلها ميزات جميلة افتقدتها كثيراص في المجتمع الذي ولدت و ترعرعت فيه . افتقدتها و احتجتها حد الجنون ..
الطفولة كانت موشومة بوخز الغيرة و الاشتباكات الصبيانية حتى على اتفه الأشياء.. المراهقة كانت عليلة بسبب الحقد و الغيرة بين الرفاق و الغخوة و الجيران .. صفات صادفتها في مسيرة حياتي و كونت عقدَ نفور من المجتمع الذي كونت فيه اسس حياتي ..
جئت إلى إيطاليا و كلي امل في الاستمتاع بحياة خالية من هذه العقد و الاضطرابات النفسية المضنية ..جئت لأنعم بعلاقات واضحة لا تشوبها شوائبٌ أفسدت علاقات إنسانية عبر مرّ السنين و لا زالت .. نعم .. لا زالت و ستظل إلى ما لا نهاية ..
" روزا " كانت الحسد و الغيرة مجسدان في جسد امراة .. كل واحدة منا كان لها عملها الخاص و حيزها الخاص في مقر العمل .. و كل واحدة منا كانت لها طريقتها في التعامل مع صاحب و رفاق العمل و كذا طبيعة العمل نفسه .
عمل يتطلب المهارة و اللباقة و النظام , و بما أنني إنسانة حريصة جداً على التميز و الجدية فإنني لم أكن أجد صعوبة و لا عراقيل في ممارسة عملي و القيام بواجبي .. و كنت أحظى بثقة مديري التامة و تقديره لمجهوداتي و هذه الثقة كثيراً ما كانت تمنحني بعض الامتيازات كزيادة في الراتب الشهري أو مغادرة العمل ساعة او ساعتين قبل موعد الخروج لاسباب صحية او غيرها و دون أي خصم ..
كل هذا كان يثير غضب " روزا " و يشعل نار الغيرة في نفسها المتوثرة باستمرار.. مما يجعلها تنصب لي فخاخا و تخلق لي مشاكل مع رفاق العمل .. و ازعاجي بكلامها الفظ الخشن . تعاملها السيء معي لم يكن يسبب لي مشاكل في العمل بقدر ما كان يسء إلي نفسانياً ..
أنا التي جئت إلى هنا مليئة بالحياة و الحيوية و الآمال اللامتناهية .. مقبلة على عالم جديد كونت عنه فكرة جميلة و جعلته حلم المستقبل .. أصادف في طريقي هذا المثال السيء الذي طالما عانيت أوجاعه في حياة " مضت " .
تعلمت من " روزا " و حكاياتها المتجددة باستمرار أن الشعب الإيطالي و كل شعوب أمريكا و أوروبا لا يقلون سوءاً عنّا .. و كما خلقنا الله تعالى بسياستنا الحسنة و السيئة خلقهم بنفس السيمات .. امراة إيطالية كأية امرأة عربية , لغبائها و هبائها تكن في دواخلها غيرة جامحة تدمر بها عائلات و مجتمعات إن شاءت ..
حفظنا الله و إياكم من الغيرة و الحقد و الحسد


من مذكرات
آمنة عمر امغيميم
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق