الأحد، 31 مارس 2013

هزّان الحلاقم تجربة مرّة | فطيمة المراكشية




هزّان الحلاقم

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لا أعرف من أين أبدأ الكلام !!

كنت في صغري أعاني كثيرا من إلتهاب اللوزتين .. ( الحلاقم ) ..
وكانت ( جدتنا ) .. هذه الجدة الله يرحمها ليست جدتي لوحدي ..
بل كل القبيلة تناديها جدتي .. لأنها هي من قطعت لهم البوط ..
مع أنني أنا لست ممن قطعت بواطهم لأنني وُلدت في مستشفى ابن طفيل بمراكش ..
بقرار من موريس جارنا الفرنسي .. الذي أوصل أمي للمستشفى عندما اشتد بها المخاض ..

هذا الموريس الذي لا ديانة له ولا يعترف بوجود رب العالمين ..
هو من أسماني ( فاطمة ) أو ( فتيمة باللهجة المراكشية ) .. جزاه الله خيرا كما يريد سبحانه ..

في الطريق إلى المشفى قال لأبي :

إذا جاء ولدا سمّيه محمدا , وإذا جاءت بنتا سميها فاطمة ..
الحمد لله أنه لم يقترح تسميتي جاكلين أو أماندا أو باتريسيا ...

نعود لموضوعنا :

قلت : عندما أصاب بالتهاب اللوزتين تأتي ( جدة القبيلة ) لتعالجني علاجها التقليدي ..
طبعا أمي تستجيب لنصائح الجارات في ذلك الوقت , واللواتي كبيرات وأمي باعتبارها برهوشة وصغيرة فالسن
..
كانت تسمع الكلام لاحترامها لهن وتلبي المقترحات بعذر أنهن أعرف منها في هذه الأمور بل وكل الأمور ..

تأتي جدتنا وتبدأ في تجهيز أدواتها المكونة من الأعشاب ( المجهولة ) ..
وقطعة قماش طويلة مربوط بها ربطتين على شكل عقدتين بفاصل بسيط ..

أولا تبدأ بخلط الأعشاب في طاسة صغيرة بماء الورد ..
وبأصبعها العجيب الشكل والأسود بالحناء والمسطّح والشديد الخشونة ..
تبدأ في غطسه في الطاسة وإدخاله في الحلقوم مع الضعط ..
طبعا أنا أكون قد قاربت على فقدان الوعي ..

أصرخ بين كل إخراج الأصبع حتى ينقطع صوتي ..
وأمي غير موجودة لأنها تختفي عند إجراء هذه العملية ..
أعرف أنها لا تطيق رؤيتي في هذه المجزرة ..
وعندما تعود تكون عيناها محمرّتين .. ( بالبكاء ) ..

بعد الدواء المزعوم تأخذ القماشة أمّ الربطتين وتضع كل عقدة في اتجاه لوزة وتهزني كالمشنقة ..

لا تسألوني ما إحساسي في هذه اللحظة نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إنه التعذيب بوسائل يدّعون أنها علاجية , ولكن في نظري لا تقل عن وسائل التعذيب حتى الإعتراف بالجرم ..

عندها تربط رأسي وتغطيني لأنام .. طبعا سأنام غصبا عني ..
لأني أحس وقد أُفرج عني من بين يدي هذا الجلاد جدتنا ..

الغريب في الأمر أن بعد هذه العملية الغريبة نبرأ ... نعم يبرأ من نالها ...
وهذا ما جعلها متداولة بين الناس في ذاك الوقت ..

كانوا يسمون هذا المرض أو هذا الإلتهاب بـ ( طياح الوذنين ) ..
كنت ورغم صغر سني أريد فهم اللفظ والمعنى والربط بينهما فكنت أسأل :

لماذا تقولون طايحين لها الوذنين وأنا وذنيا فبلاصتهم لم يتحركا من مكانهما في طرفي رأسي ؟

لا أجد طبعا جوابا .. وحينما كبرت ما زلت لا أعرف ما علاقة اللوزتين بطياح الوذنين ..

ودمتم سالمين | من خربشات فطيمة المراكشية

شفايف الورد | فطيمة المراكشية


شفايف الورد

في ليلة كـ الليالي الماضيات
بين سبات الذكرى وسكون الحنين
لاح طيفك من الماضي القريب
يدغدغ أحلامي يهمس لي :

اذكريني والجفون ساهرات
لا أطيق خيالا في الأحلام
لا تحرميني نور القمر
عطريني بأريج الياسمين
ورُشّي عليّ من رحيق العبرات
ضميني بين أحضان الكلمات
افرشيني من قصيد الأغنيات
لا تنامي .. فحضور طيفي
لا يأتي في حالات الممات

في ذهول بين اليقضة والسبات
سمعت صدى بقايا الهمسات :
يا طيفا أرّق عيوني
وعذّب ساكن الجنباات
لا تكويني بنار البعد
لا تحرق أنفاسي مرات ومرات
ما زالت ورودك بين دفاتري
تحكي للحاضر أجمل اللحظات
تخط أشواقا على الصفحاات
بأشواكها ترسم ملامح وجهك
بوُريقاتها تلونها ألوان الربيع
مازلت أذكر الحزن في عينيك
والحيرة في نظراتك
ما زلت أراك تهديني زهورا
أسميتَها .. شفايف الورد
من حمرتها لونْتَ خدودي
ومن اخضرار أوراقها
فرشْتَ فيحاء دروبي
ومن أشواكها صنعتَ لي حصنا
يحتويني يداريني يحميني ..
كنت تغار من النسمات
وهي تشاكس خصلات شعري
تغار من حمرة الورد
وهي ترتسم على وجناتي
تغار من انسكاب دمعاتي
حين تنساب في رقة على خدي
يا معذبي .. أتراكَ تذكرني ؟
ها هي ذي بقايا الوردات
قد يبست بين الطيّاات
فضاع عمري في حنين الذكريات

السبت، 30 مارس 2013

طفولة مسحوقة بأجزائها الثلاث | فطيمة المراكشية



طفولة مسحوقة ( 1 )


طفلة من ظروف الفقر وزمن عسر لقمة العيش , مات والدها وتركها فهي أكبر إخوانها لم تتجاوز سن الزهور , تحلم كمثيلاتها باليسير من العيش في برائة وطمأنينة , لكن الزمن قد اختطف منها تلك الأحلام التي استكثرتها عليها الحياة القاسية , فالأم طريحة الفراش وتحتاج إلى دواء لتسكين حالتها الميؤوس من شفائها , كان الأب يتكفل بعلاجها رغم عسر الحال , وها هي اليوم هذه الشابة قد زاد آلمها من حال أمها

لسقيمة , تاهت أفكار الفتاة وهي تحاول ترتيب كلمات حتى تجد حلا لإقناع أمها بالمساعدة , والذي سيكون صعبا خصوصا وأن عمرها لا يتجاوز 16 عاما , لكن الأمر قد نجح بعد إلحاح شديد ..

فكرت أمينة أن تطرق أبوابا علها تجد الإستجابة والقبول , وبعد عناء من البحث أرشدتها إحدى الجارات إلى بيت الحاج سعيد , عمدة البلدة التي تقطنها , وقفت أمام باب المزرعة المترامية الأطرااف , والتي جمعت كل أصناف الاشجار المثمرة , وكأنها جنة من عالم الأحلام , تجري بينها سواقي المياه العذبة , ما إن رآها البواب حتى همّ بطردها لأن شكلها لا يختلف عن المتسولين والمشردين , استعطفته بدموعها قبل كلمااتها , فرق لحالها ووعدها أن يكلم صاحبة الصرح أمينة زوجة العمدة .

فعلا حالفها الحظ هذه المرة فوجدت نفسها من شغالات القصر , رغم نحالة جسمها وصغر سنها فقد كانت الحماسة تشع من وجهها الدائري الرقيق الملامح , تحسّن حالها وبدأت توفر الأساسيات البسيطة لأسرتها , وهاهي الحياة تدب في جسدها , شيئا فشيئا امتلأ الجسد وبدأ يصرخ بأنوثة كانت قبلا منطفئة بالفقر والعوز , وبدا نور وجنتيها يزدهر فأصبحت تلفت الأنظاار , وبينما هي فرحة أن تبسّم لها القدر , لم تكن تعلم أن نفسه القدر سيغتصب منها فرحتها في لحظاات كان الشيطان حاضرا , إنه ابن العمدة , شاب في 23 من عمره , ابن أمه وأبيه المدلل , متهور غير مسؤول , تعود على امتلاك كل ما هو موجود في القصر , واعتقد أن هذه الفتاة الطاهرة من باقي ممتلكاته ..........



قصة قصيرة أكتبها لتغيير دفة الخواطر والمقالات
سأكملها بجزء آخر \ انتظروني سأعود قريبا بحول الله 
 
 نتابع \ طفولة مسحوقة ( 2 )


.. إنها الظهيرة وقت الذهاب إلى الشقة , جاء السائق بالسيارة الكبيرة فحمّلت الخادمات كل ما يلزم حمله , وتوجهوا إلى المكان المراد , قطعت السيارة الشوارع تخلّف ورائها أسراب البيوت والعماراات والتي شدّت إليها عيون أمينة وشيئا من فكرها , فبدت شاردة الذهن وكأنها تقول لحالها :

متى ملك هؤلاء القوم هذه البيوت الجميلة ؟ متى سكنوا هنا ومن أتى بهم إلى هنا ونحن هناك في قريتنا المنسية وكأننا في مقبرة الأحياء , أحسن بيوتنا من طين وجدرانها مهترئة , وأعشاش من سعف النخيل وأخرى من قصدير , ما هذا الفرق الواضح حتى للأعمى ؟ هكذا ارتسمت على محياها البريء أسئلة لم تجد لها أجوبة ..

- هيا انزلن يا بناات قد وصلنا بالسلاامة >> انتبهت أمينة على صوت السائق الجهوري وهو يفتح باب الحديقة ..

عادت لأسئلها : أهذه شقة كما أخبرونا ؟ إنها فيلا .. !!

أدخلن الحاجيات وركنّها في زاوية حتى يتفقدن الشقة للتعرف على كل الأماكن لبدء العمل الذي أتين من أجله .. وهكذا كان ..

في الليل كان كل شيء قد اكتمل , وكل الترتيبات تامة لأن المكان بعيد العهد بالتنظيف .. فقد أخذ منهن جهدا جهيدا ..

الساعة منتصف الليل وها قد وصل الشاب المتهور بسيارته الفخمة .. ركنها في الكراج ومشى بخطوات مسرعة نحو المدخل الصغير في اتجاه الداخل , نادى خديجة وطلب منها تجهيز الحمام , وسألها عن أمينة , قالت له أنها تتأهب للنوم بعد تعب مضني ..

قال بملامح حادة : ليس قبل ان تجهز لي الشاي وشيئا آكله .. ناديها ...

ذهبت خديجة مسرعة لأنها تعرف مدى عصبية هذا المخلوق العجيب , والذي لا يعرف قلبه الرحمة وكأن الناس عبيدا في خدمته ليلا ونهارا ..

دخلت الغرفة فوجدت أمينة في نوم عميق , أرادت إيقاضها فمنعتها أم ياسر قائلة :
اتركيها ترتاح وإذا أراد الشاي اعمليه أنت إنه ليس بالصعب ..

رجعت إليه خديجة وسألته : ماذا يريد مع الشاي كي أجهزه لأن أمينة نامت ..
صرخ في جهها كالمجنون : لا أريد منك زفت , قلت أمينة يعني أمينة .. ألا تفهمين .. ؟!

المسكينة صدمت الباب وكادت أن تقع أرضا وهي تركض عائدة لتوقض أمينة
قالت أم ياسر : أيقضيها فهو لا يريد شايا بل يريد أن نلبي أوامره لنرضي أنانيته وكأنه يملكنا ..

استيقضت المسكينة تجر جثتها كالميت وإلى المطبخ , جهزت الصينية بما فيها من شاي وبيسكوت ..

أخذته لغرفته , فتح الباب وقد لبس روب حرير مزركش ورائحة عطره زادت الفتاة إحساسا بالنوم ..
استقبلها بابتسامة غير معهودة من هذا النوع من البشر ..

وقال : ادخلي وضعي الصينية على الطاولة ..
دخلت وكأنها على رأسها الطير لا تفكر إلا في العودة بأقصى سرعة لكي ترمي بجسدها للراحة ..

فهمّت بالخروج , استوقفها وعلى جهه الكريه النوايا , ابتسامة ذئب قائلا : ألا تشربين معي الشاي ؟
رفعت عينيها الناعستين في بلادة وتفحصت ملامحه متسائلة وهي تلتفت يمنة ويسرة : هل تكلمني سيدي ؟

قال : نعم .. فلست معتادا على شرب الشاي بمفردي .. اجلسي ..

جلست على الكرسي في اطمئنان تنتظر متى يطفح هذا السم حتى تذهب لأن الغد ينتظرها بجحيمه من الأعمال ..

بدأ يرتشف بصوت مسموع وكأنه شفّاطة الصرف الصحي , وينظر إليها بتفحص وكأنه أول مرة يراها ..
تتابعه الهبلة >> بل المسكينة بعيون لا تعرف ما القصد من هذه النظراات ..

فخاطبها قائلا : أتدري يا أمينة كنت اليوم في السوق فتذكرتك فاشتريت لك قميصا جميلا ..
ومد يده لدرج الدولاب واخرج قميصا حريريا أحمرا وقنينة عطر .. وقدمهما لها ...

أخذتها وقالت :
شكرا سيدي ووضعتها إلى جانبها على الأريكة ...

تبسّم الماكر وقال :
أيمكنني أن اراها عليك ؟ فقوامك جميل جدا لا تجعليه رهين هذه الملابس البالية التي ترتدينها ..

ردت عليه بابتسامة وقالت : لكن يا سيدي هذا مكشوف جدا وانا لا أستطيع لبس هذا امامك كرجل ..

قال :
وهل أنا رجل ؟ وقهقه ضاحكا .. قالت نعم رجل وغريب أيضا وأمي ربتنا على أن نكون بلباس ساتر ..

قال لها اسمعي أيتها الملاك الجميل , أنت فتاة رائعة الجماال , ولن تبقين هكذا في خدمة البيوت حتى ينتهي بك الأمر عجوزا في خدمة الناس , أنت مكانك أن تكوني صاحبة بيت يليق بك , تأمرين وتنهين , ألا تتمنين هذا ؟

قالت : سيدي اتتكلم عني وعن حالي ؟ أنا لم تأتيني هذه الأفكار أبدا حتى في الأحلام ..
قال : بل عليكِ أن تفكري وتحلمي , بل أن تحققي كل هذا ..

قالت : وكيف ؟

عندها انتبه الماكر أن الفريسة في طريقها إلى الفخ ..
فتابع : أتثقين بي ؟
قالت : نعم
قال : إذن دعيني أجهزك كي تكوني في يوم ما من ستات البيوت الفارهة والقصور كقصرنا ..
قالت : وماذا ستفعل ؟
قال : أولا نبدا بالحمام , خذي هذا الثوب واذهبي للحمام واستحمي فعندك كل أنواع الصابون والعطور ..
والبسي هذا القميص وتعالي لأعلمك الباقي ..

وقفت أمينة في براءة وربما أنها بلاهة أو حسن نية شديدة , واتجهت نحو الحمام , دخلت فنفذت ما طُلب منها ..
وخرجت مرتدية الثوب وملتحفة بالفوطة الكبيرة كي تحاول ستر جسدها البارز الأنوثة من ذاك الثوب الأحمر ..

وقف الشيطان يتأملها ويقول لها : ما اجملك ما اروعك .. أزيحي هذه المنشفة .. أوووه .. !! ما دورها ؟
قالت : لا فإن هذا الثوب لا يسترني كما يجب ..
مد يده القذرتين وسحب منها الفوطة .. فاتسعت ابتسامته الماكرة ..
وأجلسها على حافة السرير وحضنها برفق , فوقفت في فزع وكأنها استدركت نواياه ..
قالت : سيدي أريد الذهاب لغرفتي وأسرعت نحو الباب , لكنه كان مقفلا بالمفتاح ..
إلتفتت نحوه وعلامات الرعب بادية على وجهها ..
قال : لن تخرجي من هنا ستنامين هنا وبرضاكِ وإلا سأسجنك فقد سرقتِ مني ساعتي الألماس ..
أدركت الفتاة الغرض فهطلت دموعها كالأمطار الغزيرة ...
فجثت على ركبتيها تتوسل إليه وتحاول إقناعه انها لم تسرق شيئا طوال حياتها ..
قال : بل سرقتِها وقد وجدتها بين أغراضك .. وكي لا أبلّغ عنك ستنامين هنا في غرفتي ..
قالت : حاضر سأنام
اتجهت نحو الزاوية على جزء من السجادة ووضعت نفسها في هيئة النوم ..
قال في خبث وإصرار وهدووء الثعالب : لااااا .. هنا على السرير وإلى جانبي ..

إلى هذه اللحظة لم تفهم الفتاة قصده المرير بالظبط ...
قامت إلى السرير تمسح دموعها .. وأتى هو إلى جانبها وحضنها وأحس وكأنها قطعة ثلج ..

يتبع 


طفولة مسحوقة ( 3 )

الفصل الأخير

.. حاولت أن تغمض عينيها وتفتحهما كي تخرج من الكابوس الذي هي غارقة فيه
وبكاؤها أصبح له صوت كمثل شهيق من فقد عزيزا ..
أما الذئب فلم يعجبه الأمر فتوقف ينظر إليها وكأنه يرسم خطة مكتملة الجوانب حتى لا تنقص لحظته أية حلَقة ممتعة ..

فنهرها بشدة : - ما بكِ ؟ لا أريدكِ مثل الحجرة مكَوْكَمة على نفسك , إنكِ بدأتِ تثيرين أعصابي وهذا لا يعجبني ..
اقترب منها ثانية , فانتبهت إلى عينيه كأنها لون الجمر , ورائحة فمه ليست طبيعية بل تذكّرها برائحة أحد أبناء الجيران , عندما يمر من أمام بيتهم بعد المغرب وهي تركض مع الأطفال , كان يقبل الأطفال ويعطيهم قروشا وقطعة حلاوة ويمضي لحال سبيله يترنّح , وأحيانا يمسكه بعض الصبية من ساعديه حتى يوصلونه لباب بيته ..

جلست تقارن , نفس الرائحة ونفس لون العينين وسباتهما ونفس الجسم المتعرق , ولكن المفارقة عجيبة , أن ابن الجيران يكون في قمة هدوءه ,وهذا الشيطان يتطاير الشرر من عينيه ...

وقف الذئب واتجه نحو طاولة بها كأسين وقنينة تحتوي على ما تحتويه , أفرغ جزءا ومده إليها قائلا :

- خذي اشربي هذا دواء سيهدئك ..

لكن أمينة تعرف جيدا ما نوع هذا الدواء , فزادت بكاءا وانكماشا على نفسها وتوسلت إليه أن يتركها تخرج , تجرّع الكأس وصب آخر ومسكها من رقبتها محاولا فتح فمها ليرغمها على شربه , ولكنها هذه المرة استجمعت شجاعتها وصرخت صرخة مدوية , وإن لم يسمعها من في البيت فهم إذن أمواتا ..

بعد دقائق سُمع قرع على الباب , فأمسك الشاب بالفتاة وأحكم يده على فمها كي لا تصرخ ثانية ..

- من بالباب ؟ سأل
- أنا أم ياسر
- ماذا تريدين ؟
- كأننا سمعنا صوت صرخة .. قمنا فبحثنا عن أمينة في البيت كله ولكننا لم نجدها ونحن في خوف عليها .
- وما علاقتي أنا بأمينة حتى تطرقين علي الغرفة في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟
- سيدي لا يمكنها أن تخرج من البيت لأنها لا تعرف المكان وهي من وقت أن جاءتك بالشاي لم تعد ..

صرخ المعتوه : - أغربي عن وجهي أيتها البلهاااء ... هياااااا ....

انسحبت أم ياسر وفكرها شارد لا تعرف ماذا تفعل , واستغربت من كلام هذا الرجل الذي لا ولن يكون مسؤولا عن شيء أبدا ..

ولكن شيئا في نفسها قال لها عودي وتنصتي من وراء باب الغرفة , فرجعت واقتربت بأذنها فسمعت شهيقا وتوسلات ..

في هلع قالت بصوت يكاد أن يُسمَع : - إنها إمينة يا إلهي ..

نادت خديجة وطلبت منها أن تذهب بسرعة لإيقاض السائق وتنادي على الحارس الليلي , بعد دقيقتين حضر الكل فوقفوا وقفة واحدة أمام الغرفة , فانهال السائق بلكمات على الباب وقد كان قوي البنية طويلا عريضا , حيث أن الشاب أمامه ليس أطول من أحد الأقزام السبعة , فزع الشاب وبدأت أمينة بصراخ هستيري , فوجه السائق كلمات تهديد للشاب ..

- إن لم تفتح سأكسر الباب أو سأتصل بالشرطة ..
ولكنه فتح الباب أخيرا فرماه السائق على الأرض , وهرولوا جميعا نحو أمينة التي كانت في حالة شبه إغماء سترتها خديجة بشرشف وحملوها للغرفة الأخرى , بعد أن استفاقت هدئوا من روعها , وحكت لهم الحكاية كلها ..

أما الشاب فقد نال نصيبه من السائق لأن هذا الأخير كان ينتظر فيه فرصة كي يرد له الإهانات التي كان يهينه دائما , فقد ضربه حتى اسال دمائه من وجهه وفي باله أنه سيطرد أولا وسيُسجن لا محالة لنفوذهم القوي , ولكنه عزم على أن يكون الأمر بعد أن يشفي غليله في هذا المعتوه ابن مامي وبابي , والذي كاد في لحظة طيش أن يحطم برائة طفلة سبق وأن حطم جزءا منها الزمن والفقر , وأتى هذا الوحش ليأخذ منها الكرامة الوحيدة التي تملكها ..

ما إن أشرقت الشمس , حتى حضرت أم الولد وأخواته الثلاث بعد اتصال , وعرفوا القصة كاملة , وكما هي العادة , كانت محاولة الإسكات بدفع مبالغ جيدة إلى خديجة وأم ياسر والجزء الأكبر لأمينة وأيضا للسائق والبواب , حتى يتم السكوت والتستر على الأمر ..

ما على هؤلاء المعوزين إلا قبول الهدية فهم في أشد الحاجة لها , لأنهم في كل الأحوال سيبقون من الصامتين حفاظا على لقمة العيش , وما دام الأمر كان بردا وسلاما فلا ضرر ولا ضرار ..

كان القرار النهائي لكي لا تتكرر التجربة وربما لن تسلم الجرّة في المرة القادمة , هو الإستغناء عن خدماات أمينة , فجمعت المسكينة أغراضها وتجهزت لتعود أدراجها إلى بيتها وفي حوزتها تلك الدّريهمات التي على الأقل ستشتري منها دواء أمها وبعض أغراض البيت ...

وبعد فترة بدأت الأحوال تسوء بعد انقضاء الدراهم , فلم تجد أمينة بدّا من الخروج مرة أخرى للبحث عن بيت تعمل فيه فهذا هو العمل الوحيد المتاح أمامها وهي مجبرة عليه ..

فيا ترى هل هذه الصبية اليافعة الجميلة سيحالفها الحظ مرة أخرى وتعود سالمة من بين براثن الذئاب ..؟

ربما ستأتي قصة أخرى عن أمينة مع أحداث أخرى في يوم ما ونتابعها معا ...




أتمنى أن القصة تكون قد راقت لكم \ دمتم سالمين

علمني كيف أهجر | فطيمة المراكشية




علِّمْني كيف أهجر

أيها الأمير على مملكة حبي
أيها السامي بالشعر والقلم والقصيد


علمني يا أمير مهجتي وعشقي الفريد
علمني يا سامي الحرف على أنغام الوتر

علمني أنسى لوعتي وليالي السهر
علمني أُداري ألامي وأخفي عبراتي


أتعلّمُني الحب وتهجر ؟




أطلق روحي .. لا تحبس أنفاسي
انتشلني من أعماق بركان أشواقي
فك القيد عن معصمي .. حررني





مَنْ يعلّم مَنْ ؟

أأعلمك الحب أم تعلّمني الصد والهجر ؟
أأعلمك الحب أم تعلّمني الآه والصبر ؟


لا .. لا تقترب لم يبقى في أعماقي
سوى اطلال من بقايا البشر
أبكيها .. أغني لها تغاريد الزمن


أرسم على جدرانها لوحات من ماضٍ أكيد

أُكتُبْ شِعرك وارْسُمْ ملامحي من أبيات
أعزف لحنا واجعل أنغامه أنشودة يوم الممات
موتي أنا .. وحدادك على الذكرياات

إقرأْ في صمت على لحدي من دواوينك
واكتُبْ على شاهد قبري






من علّمتني الحب فعلمتُها فنون الآآهات


علّمني

الجمعة، 29 مارس 2013

حكايتي مع مخدّر الخرشاشة | فطيمة المراكشية



من ذكرياتي مع الخشخاش > هفوة طفولية ...

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


في طريقنا للمدرسة الإبتدائية على عجلاتنا الهوائية كنا نمر على أراضي مهجورة لا حرث بها ولا حصاد على مدار السنة ..
فـ في موسم الربيع تزدهر هذه الأرض بالحلة الخضراء المزركشة بأنواع الزهور والحشائش ..
كنا ونحن أطفال .. وأطفال الجيران نترك دراجاتنا جانبا لنلهو وسط الجنة الخضراء ونقطف منها باقات الزهور ..
من بين هذه النباتات نبات نسميه ( الخرشاشة ) تنبت في أول بدايتها زهرة جميلة ..
وبعد مدة قصيرة تذبل فيبقى منها صرّة بها ثقوب إن استوت بأشعة الشمس تتفتح وتخرج منها حبيبات سوداء ..

الكارثة أننا كنا نأكل هذه الحبوب وبكثرة فنمضغها لتتحول كالحليب ..
بل ونتسابق على من سيحظى بأكثر كمية
حتى أننا نأخذها معنا للمدرسة وفي وقت الإستراحة نخرجها وننثر محتواها في راحة اليد لنقذف بها في ( اشداقنا ) ..
مرة أتت لزيارتنا خالتي وزوجها وابنها الأكبر مني بـ 3 سنوات ..
بعد الغذاء جاءه ابن الجيران وهو صديقه فذهبوا لصيد العصافير مع باقي الأطفال من عمره ..
وعند عودته جلس يشاهد التلفزيون وفي يده الخرشاشة يصب في يده ويأكل ..
ما إن رآه والدي حتى صرخ في وجهه : ماذا تأكل يا مجنووون ؟

تفاجأ أبوه بالأمر أيضا فأعطاه ضربة على يده حتى تناثر ما بها وقال له :
ألا تعرف أن هذا الوباء يخدّر العقل ولا يصلح أكله ؟
عندها وقفت أنا مستغربة وفي سرية تامة
لأنني إن أفصحت أنني أنا أيضا آكلها ..
حتما سأنال كفا ممتازا على رقعة وجهي :

تساءلت :

- كيف يخدر ونحن نملأ به أحشاءنا طول اليوم وفي المدرسة أيضا ؟
بعد أن كبرت ووعيت للأمر عرفت ما هو ( نبات الخشخاش ) ..
حينها لم أعرف هل أبكي أم أضحك ..
أم أصدق أنها تخدّر المخ
ونحن أمخاخنا كانت كالحديد لم تتأثر ولم يتزعزع كيانها ..
هل لأنها عقول ( ماد إن أراب ) فاقدة للإدراكِ أصلا ؟
أم أننا لدينا ( حصانة ) لا يملكها إلا نحن والجن ؟
وكيف كنا ندرس وننال الدرحات العليا ونحن المفترض في حالة تخدير !!



نسأل الله العفو والمغفرة فهذه النبتة محرّمة شرعا أيضا ..
لأنها يستخرج منها الهيروين والكوكايين والعياذ بالله


من هفوات الطفولة

كسبوا الرهان يا عرب الغفلة بقلم فطيمة المراكشية


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة






كسبوا الرهان يا عرب الغفلة | فطيمة المراكشية



كسبوا الرهان يا عرب الغفلة

مثل مغربي يقول : كوّر وعطي للأعور


يعني اعمل لقمة واعطيها للأعمى ..
سيأكلها بدون أن ينتبه إذا هي نظيفة أو بها شوائب ..


هذه هي سياسة العالم حينما يقررون تنظيم بطولة لكرة القدم
بما أن العالم العربي مشتعل والأرواح تُزهق بالمئات ظلما وجورا يوميا
تقرر الأمر أن يُنصب فخّ رياضي سياسي لكي يشتت العقول ..
ويُذهب بالألباب في اتجاه الترفيه والمتابعة للمباريات ..


وبما أننا قوم تُبّع فبدون إرادة ولا وعي ننساق وراء الخطّة المُحكمة ..
فـ بعد أن كانت الحناجر تصرخ :
أنقذونا من الرصاص والذبح والطغيان ..

ها هي اليوم تهتف : واااااااو Gooooole ...
يا للعار ويا شماته الغرب فينا .. لقد تم تبريد الدماء الحية ..
في حين أن دماء الشهداء تغلي مطالبة بصوت استنكار ..


لقد اختلطت الأصوات وعم الضجيج ..
نساء وأطفال وشيوخ في بقع من الأرض تنادي :
ربااااه .. قتلونا .. شردونا .. ظلمونا .. رمّلونا يتّمونا ..

وجماهير من بقع أخرى في إغماءة كاملة تنادي :
.. اضرب .. سجل .. ميستي .. هددددددددف ...
والغاضب منهم يلعن ويشتم من خذلهوه في تحقيق النصر الكوروي ..


وللأسف النداء الجماهيري قد لفّ النداء الإستيغاثي بكفن المتوفي ..
وأغدق عليه من الحنوط .. ودفنه مؤقتا إلى أجل آخر .. حتى تنتهي البطولة ..
عندها يكون الطغيان قد أفنى ما بقي من الأحياء ..


بحثت كثيرا في النتيجة التي سيخرج بها الجمهور بعد هذه الفرحة للبعض .. والحزن للغير منتصر فريقه ..

فرأيت :

أن الملايين من الدولارات في جيوب الفُرُق بأطقمها ..
والملاييير بجيوب الحكومة كالعادة ..
والجمهور نصفه له متعة النصر ووطنية الفوز ..
والنصف الآخر الحسرة والبكاء على تهاون الأقدام ..


أما الكأس فطبعا لن يكون للـ ( العرب ) ..
ونحن نعرف جيدا من هو الفريق الإسباني ..

إذن فإن الغرب هم الفائزين في كل الأحوال ..
سواء الحال السياسي أو الرياضي ........



لقد كسبوا الرهان

بطوننا وعقولهم | فطيمة المراكشية




بطوننا وعقولهم


نحن قوم نحمل بطوننا كالهمّ فوق أكتافنا ونبحث أين نملأها وكيف وبماذا ..
في حين أن غيرنا من الأقوام المتقدمة عقولها في جماجمها يحملونها ..
ويبحثون كيف يملأونها وأين وبماذا ..

الفرق شااسع بين قومنا وقومهم .. وبين بطوننا وعقولهم ..

قيل :


أقرب الطرق لــ قلب الرجل معدته



أقول :


ابتسمت من سخافة المقولة التي نرددها كالخراف ..
فنحن قوم تبّع كما عادتنا .. كل من قال قولا صفّقنا له ..

من قالها أعتقد أنه كان محروما من لذة طبيخ زوجته أو أمّه ..

إن تمعنا في المقول سنجدها صحيح من ناحية واحدة فقط :


وهي الناحية العلمية ..


فـ القلب قريب للمعدة مسافة .. ولو أن الرئة أقرب ..
ولكن بما أن الرئة حظها طايح في نظرنا وليست كأهمية القلب والمعدة ..
فإننا خصصنا ( الحُب والطعام ) كأمرين أساسيين للحياة ..
ونسينا أن ( التنفس ) هو الأهم ..


فـ الموت أسبابها ( انقطاع النَّفَس ) عن الجسم ..
وليس انقطاع >> الحُب والأكل اللذيذ

الخميس، 28 مارس 2013

رحلة مع الضياع | قصة حقيقية بقلمي فطيمة المراكشية


بسم الله الرحمن الرحيم

قصة حقيقية عشت أحداثها مع بطلتها يوما بيوم , كتبتها بكل الآلام التي تعتصر قلبي
أقول لها : لقد قصّرتُ كثيرا في إبراز المشاعر الحقيقية التي آسرت قلبكِ ..

أرجو أن تقبلي مني هذه السطور ببساطتها ..
فلا تحمل سوى جزءا يسيرا من أحداث الحب الذي يفوق كل الخيال


أختكِ وصديقتكـِ للأبد || فطيمة



رحلة مع الضياع


.. بعد مسيرة أميال أقيسها بسنين عمري , أعيش لأبني ما تتوجبه عليّ ظروف العيش ككل إنسان لا يفوّت فرصة الحياة , أسير بقوانين قراراتي التي لم تخضع يوما لرقابة أحد , ولماذا وأنا رجل بكامل قواي العقلية , وليس بي أي عاهة نفسية , درست في أحسن الظروف وتوظفت وظيفة ربما هي حلم غيري , راض بقسمتي أحيانا , وناقم على حظي أحيانا أخرى , إنه الصراع بين الأفكار عندما تتجاذبني أحيانا بين الرضا بالنعم الوفيرة التي أنعم بها عليّ ربي , وبين وساوس الشيطان الذي ينتقص من فضل الله عليّ , هكذا أنا هذا النموذج البشري الذي يتكلم الآن ليُسمِعكم حديث النفس بصوت مسموع ...
... إلتقيتها أخيرا .. تلك التي رسمتها في خيالي بكل الألوان الزاهية , تلك التي برزت في طريقي كأول شعاع للأمل المنشود , قابلتها بوسائل بسيطة كسلام لا يخلو من تحية عابرة , فجأة أحسستُ بوميض يزرع في نبضاتي فوضى لم أفهمها , فعاندتُ هذا الإحساس الغريب ومشيتُ مطمئنا أمضي في ( إلقاء السلام وبعض الكلام ) , بدأ يجرني تيار قوي في لمح البصر , لم يمضي على ( السلام ) سوى أيام , حتى بدأتُ أتحرق شوقا لتلك القابعة وراء الأزرار , تلك التي يأتيني صداها من المجهول , لامستُ منها نفس الإحساس .. وأكثر .. لاااا بل أنا الأكثر ..

من هي ومن تكون ؟ أسئلة أجهل لها ردودا .. كأنها أحلام في يقضة الجفون , بدأت أغوص في عمق الأحداث , تناغمت بيننا إقاعات أزرار الحروف فعزفت أنشودة عشق مجنون , فتراقصت قلبينا على أنغام بين الهمس والسكون , لحد لحظتي لم أسمع صوتها , رفضت كل أسباب اللقاء , فزادتني تمسكا بها كطفل يبحث عن دفء حضن أمه , استسلمت لقواعدها واحترمت قرارها , وبقينا بذاك اللقاء البدائي , تعاهدنا على إكمال مشوار الحياة سويا , أقسمنا سويا أمام الله أن حبنا للا ولن تشوبه شائبة , وكلنا نقاء وصفاء بالروح والقلب اتجاه بعضنا , قرأنا سورة الفاتحة كرباط مقدس حتى تكون هذه الفتاة لي , ولن أكون إلا لها , تنفّست الصعداء وقلت : أخيرا أيها القدر أحببتني !! واخترت أن تسعدني بعد أن عانيت من ويلات الزمن , أخيرا جُدتَ عليّ بأسعد أحلام عمري ..

بدَت لي حياتي فجأة فائقة الجماال , فاتنة كملامح حبيبتي التي لم أراها , مخملية كصوتها الذي لم أسمعه , لا لوم عليّ فإنني تعهّدت أمام الله أنها حليلتي ولم يكن صوتها ولا صورتها معي حاضران .. إنه حبي لها وثقتي بالقدر الذي أؤمن بخيره وشره .. فإن كان خيرا فربي سيأتيني بها , وإن كانت شرا فربي سيدفعها عني ..
في ليلتي البارحة رجعت للبيت وكلّي شوق للقاء حبيبتي كالعادة من وراء هذه الزجاجة ..
فتحت ... ويا ليتني لم أفتح .. يا ليتني فقدت كل حواسي قبل أن اقرأ هذا ...

وجدتُ جنون حبها بين السطور .. وجدتُ دموعها بغزارة بين الحروف .. وجدتُها تضمني كمّن يتشبّث بقشة ليُنقذ بها ما تبقى من حياته .. وجدتها تحضنني وتكاد أن يغمى عليها بين أحضاني .. وجدت كل هذا بضغطات أزرار تقول لي :
حكم عليّ القدر بأقسى الأحكام أنا فيه الضحية بكل المقاييس .. سأظل أدفع ظريبة خطإ لم أرتكبه أبدا .. سأعترف لك وسأنسحب بهدوء كما دخلت حياتك في هدوء .. اعذرني يا اغلى ما وهبتني إياه الحياة , اعذرني يا هدية ربي وأغلى هدية .. اعذرني فلم يكن الخطأ خطئي وربي شاهد على كلامي .. اعذرني ستتألم وتحزن وأنا سأقتل نفسي عذابا بعدك سأبقى على عهدي لك ما حييت , لن أكون لغيرك ....
معذرة يا أحلام عمري وجماال أحلامي .. عِدني ألا تنساني ..


اعترفت بسرّها ففهمتُ سبب اختبائها وراء السطور ...
انسحبَتْ وتركتني في رحلة مع الضيـاع من جديد ...


المُوقّع || رجل من معشر العالم الإفتراضي

بقلم || فطيمة المراكشية

بطل القصة هو من أحب صديقتي بجنون وهذه أحاسيسه بكل صدق كتبتها لكم هنا ..

مع التحية والتقدير


همسة : الفتاة غير شرعية

إكسير حياتي | فطيمة المراكشية



السلام عليكم ورحمة الله

بطلة الخاطرة شخصية حقيقية وقد أحبت في صمت لمدة 17 سنة في معاناة غير طبيعية ..
وما تزال مستمرة ومؤخرا اعترفت للحبيب بحبها وقد قابلها بلا مبالاة فازدادت معاناة




إكسير حياتي


تمرني ذكراك كالحاضر
وتحضرني كفوضى أنفاسي
أحارب مامضى من عمري
كي لا يُحسب من حياتي
فكيف أدفن عمرا من عمري
وأنت نبضي وكل إحساسي
أنت أفكاري وفرحي وآلامي
وفي أعماقي شريان بقائي
كيف ألقاك بعد فراق؟

قلتَ : إنسي... إنسيني !!! ..
لا أحسكِ في دواخلي حبا ..
لا تعكسكِ مرآة نبضاتي



ماذا أنسى ؟ أأنساك
أم أنسى تاريخ وجودي
يوم إلتقيتك قد وُلدت من جديد
أنت بداخلي .. تجرّدني قوتي
تُلهمني ضعفي واستسلامي
تلهب أشواقي .. تحرقني
تغفو تارة وأخرى تثور
أعيش بين ناري وجمودك
بين بركان عشقي وجحودك
بين أطلال الماضي أناديك
في ضياع بين موتي وحياتي
أني أحتضر .. إني أموت حبا
بين جدران نعشي أناجيك
لاتدقّني مساميرا ..
لا تقرأني تراتيلا ..
لا تدفن جسدي في قبرالنسيان


رأفة بي .. فبداخلي قلبا أنت فيه
أخاف عليك من ظلمة قبري
أخاف أن يحرمك العيش قدري
لك الباقي من عمري
لكَ نبضاتي وأنفاسي وسريان دمائي
لك أفراحي وكل أمنياتي


ولدتُ يوم رأتك عيني
وكان يوم وداعك مماتي

02) كيف نستفيد من قراءة القرآن






قد وعدت بضرب مثال تطبيقي لما مر في الموضوع الاول وهذا أوانه
سنجعل عنوانا: شروط قبول العمل
ونحن نعلم مسبقا أنها ثلاثة: شرط في العامل وشرطان في العمل
1= أن يكون العامل مؤمنا
2= أن يكون العمل خالصا لله
3= أن يكون العمل على سنة أي عليه دليل وبرهان
لكننا نريد أن نلمس هذه الشروط من زاوية القرآن كيف صاغها وتحدث عنها بصورة متناسقة متينة
وسآتي بآيتين فقط
الأولى قوله تعالى من أوائل سورة الإسراء {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)}
والثانية قوله تعالى من أواسط سورة الأحزاب مخاطبا نساء النبي صلى الله عليه وسلم {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}
ــ غريب الآيات
السعي: المشي السريع ويستعمل للجد في الأمر
والحُسن: عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه
ــ مقاصد عنواننا
1= أن يكون العامل مؤمنا: من الآية الأولى: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} - من الثانية: الخطاب لنساء النبي فهو خطاب لمؤمن
2= أن يكون العمل خالصا لله: من الآية الأولى:{أَرَادَ الْآخِرَةَ} - من الآية الثانية: {تُرِدْنَ اللَّهَ }
3= أن يكون العمل على سنة: من الآية الأولى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} - من الآية الثانية: {لِلْمُحْسِنَاتِ }

ــ تأمل لسياق الآيات
أ= حث الله في سياق الآية الأولى على الإخلاص بإشارات أربع: سمى غير الآخرة بالعاجلة، واشتق من اسمها فعل الجزاء ليدل على أن كل عاجل ذاهب لا محالة، ثم علق جميع ذلك بمشيئته، ولمن أراد له ذلك كونا وقدرا، فبالله عليك كيف تراد الدنيا بعد هذا الوصف والخبر
ب= أضاف السعي للآخرة {سَعْيَهَا} ليدل على أن هناك من يسعى للآخرة لكن بغير سعيها، وسعيها هو ما سعى به النبي صلى الله عليه وسلم لها فذاك الذي يضاف إليها
ج= وفي الآية معنى بديع وهو أن أمر العبد في هذه الحياة ليس بالهزل بل كله جد، ولأجل هذا المعنى جاءت بدل لفظ العمل مفردةُ السعي
د= لم يختلف سياق الآية الثانية عن الأولى في الإخلاص من حيث المفردات إلا من سياق الحث عليه في الآية الأولى
وأضيفت الإرادة لله لأنه المراد بالأصل، وللرسول لأجل السياق والحادثة له، وللآخرة وهي المفردة المشتركة بين الآيتين
هـ= إختلفت مفردات الآيتين في الشرط الثاني حيث جاءت الإشارة إليه بالإحسان
وفيه زيادة معنى بديع وهي أن من سعى للآخرة بغير سعيها فقد أساء وما أحسن، لهذا وسم الشرط الثاني هنا بالإحسان
و= وفي سياق الآية الثانية معنى جليل متعلق ببيان أهمية الشرط الثاني حيث جعل سبحانه الإتباع إحسانا لا بد منه مع الإيمان والإخلاص، بمعنى أن إرادة أمهات المؤمنين لله وإخلاصهن -وهن من هن وفيهن مثل عاشة رضي الله عنهن- أن ذلك لا يكفي دون عمل صالح فعند ذكره للجزاء قال {أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ}
فانظر لهذه السياقات، وما أتت به من المعاني البديعة، ومن العظات والعبر الحسنات البليغة
وليكن -يا أخي ويا أختي- سعيك إذ تسعى على هدى النبي مبتغيا وراجيا ربك -وثوابه يوم اللقاء- على الجادة والجد فذاك الأجر العظيم والسعي المشكور

الأربعاء، 27 مارس 2013

ويستمر الصبر








يستمر الصبر ولا بد أن يستمر.
يستمر مع امتداد الحياة... ويستمر ما دام في القلب نبض هذه الحياة.
فالصبر باقٍ ما دام الأمل في الله باقيا، الصبر قوام الإستمرار... ووقود المبتلى في صموده وتماسكه أمام رياح الدنيا.
أحس في أحيان وكأن الشموخ الذي أبديه سينهار، وأحس كأن صمودي الظاهر للعيان ينهار.
كأنني في ظاهري وما أبديه شخص جلد، ثابت، متماسك؛ لكني في باطني آيل للسقوط، أتهاوى، أنهار داخليا، يتفكك بنائي الداخلي إلى جزئيات هذه المتاعب.
كم هو صعب أن تعيش في وسط من الناس لكنك وحيد، وكم يندر أن تلفى بينهم صاحب عقل رشيد.
أحمل همي وغمي وحدي، وأحمل أوزارا من الآمال وحدي.
تؤرقني ضبابية المآل والمصير، ويوحشني انعدام المرافق والصديق.
يحزنني حديث النفس عن المستقبل، وتقتلني الوحدة في المسلك والطريق.
فوربي، لولا نهي النبي تمني الموت لفعلناها، فلقد مللنا هذه الحياة وتَكَرَّهَت إلينا فكرهناها.
لكن للأعما ر آجال مضروبة، ووقت معدود، وفراق هذه الدنيا الدنية لا شك وعد موعود.
فما هي في حقيقتها إلا ساعة ستمر بالصبر، وإن كان مرا فعليه أجر عظيم وأي أجر.
يوم تعطى فلا حساب لعطائك، حينها فقط تدرك حقيقة ابتلائك.
فالمؤمن يعلم بأن منازله هنالك، وأن دنياه مهما بلغت من الجمال، وفتنت ناظره بأبهى المناظر وأجمل الالوان، فإنها ليست بدار مقام ولا قرار ولا ما هنالك.
"إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صبره على ذلك، حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى".
فإن الله يحبك، وإن الله يريدك.
يا من فقد حر العيون والبصر، ويا من فقد لسان النطق والبيان، ويا من فقد وفقد... إصبر.
إصبر، بارك الله فيك، واصبري، فما هي إلا سويعات ستنقضي.
إصبر، لست وحدك، فمعك كل من هو مثلك في هذا العالم الواسع، فلست من ابتليت وحدك، ولست من تحمل الهموم والآمال وحدك.
كلنا في قارب واحد نسير، وإلى غاية واحدة مآلنا والمصير.
فلماذا الجزع؟! ولماذا الضجر؟! ولماذا اليأس؟!

تلك سلوى وذكرى أردت بثها وبعثها لأبلل بريقها خيط الحياة المرير، لأنظمه من ثقب الأمل الصغير.
فلولا حبك ربي لما صبرت، ولولا الصبر منك لما صبرت اليك.

ويستمر الوهن







سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأدواء *** كالنِّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ
وأقول للوهن الذي لا يَنْثني *** عن حرب آمالي بكل بلاءِ
لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي *** موجُ الأسى وعواصفُ الأرْزاءِ
فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ فإنَّهُ *** سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ
واملأْ طريقي بالمخاوفِ والدّجى *** وزَوابعِ الاَشْواكِ والحَصْباءِ
وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ وانثُرْ فَوْقَهُ *** رُجُمَ الرّدى وصواعِقَ البأساءِ
سأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك متَوَهِّجا *** في ظُلمةِ الآلامِ والأدواءِ
النّور في قلبِي وبينَ جوانحي *** فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ
---------------------
ويستمر الوهن.. ومكتوب له أن يستمر
يستمر ما دام القضاء مُشاءً لم يتغير وماضيا
وما بقي الابتلاء مستمرا ولم يَلُح علم النهاية آتيا
وهنٌ.. ينمو مع الأنفاس
بل يُعَد لنموه من الوقت الثواني ومن الأعين الطرفات
يدب في الأركان دبيب النمل من الأرض في الطبقات
ويجري في دمائي والأعصاب
ويمضي لا يبالي أذلك عليّ مسرات أم مضرات

لقد نزلتُ في هذه النبضة عن صهوة براعة الاستهلال
وآثرت لغياب نقطة البدء وخفائها الى الارتجال
فأين مبدأ هذا الوهن من الزمان.. فأنا لا أتذكر ذاك
وأين منشؤه من قالب روحي.. أمن هنا بدأ أم من هناك
من أين أبدأ؟
أَمِن كونه عقبةَ كل طموح أو أمل
أم من كونه حجرَ العثرة ومنشأَ العَطَل
من أين حديثي عنه يبدأ؟
فقد أحكم خيوط شباكه عليّ وحبالها، فأضعف وشل الحركة
واستحكم من كل عِرق وعَضَل، فتم له ما أراد وظن رِبْحَ المعركة
من أين الكَرُّ منه علي بدأ؟
أتى على قلاع بساط الوجود ورِداء الحياة حصنا حصنا
ودَكّ ما أتى عليه من علامات البقاء والمنارات سنا سنا
فلم يبق من هذا الصراع إلا مضغة أبت إلا أن تدق هذه النبضات
أبت تلك القلعة إلا استمرارا في ضخ جنودها سرايا ونجدات
قلعة أخيرة.. تدب إرادة الحياة الى أطراف بلدٍ منهكٍ.. راقدٍ.. قد تهالك
قلعة.. ترسل بعثات العزيمة على أن الملك في الحقيقة ما زال بأنفاسه يتمالك
إنه قلبي وفؤادي.. منبع إرادتي؛ وقُوتُ همتي وحياتي
إنه الحصن الأخير.. فيه أملي وسعادتي؛ وفيه نجاتي
لم يهن.. ولن أبدا يهون
وما كان لوهنه أن يكون
فلو لم يبق من حركات هذا الجسد إلا حدقات الأعين.. وحتى إن هي زالت
سأحيا بقلبي في لوح الأمل بين عَبَق الزهر.. وسنبلةٍ من عبير الربيع قد مالت
سأحيا بقلبي رغما على إكراهات الحياة وإن امتدت بهذا البلاء السنين وطالت

أُخَيّ أُخَيّتي
الله يريد قلبكَِ
فأتي به يوم تلقاه معافا من المخالفة.. نقيا طاهرا وسليم
فكل طرف يوم ذاك شاهد على صاحبه بقَبيحِ الفِعالِ وكليم
فالله الله في كل ما تملك.. مضغةٌ.. فيها شقاءُ المرء ونعيم
فالله يريد قلبك أيها المبتلى.. إنه بالذي بك لخبير وعليم


إِنِّي أَقُوْلُ لِنَفْسِيُ وَهْيَ ضَيِّقةٌ *** و قدْ أناخَ عليها الدهر بالعجبِ
صبراً على شدة الأيام إنَّ لها *** عُقْبَى وَمَا الصَّبْرُ إلاَّ عِنْدَ ذِي الحَسَبِ
سيفتح الله عن قرب بنافعةٍ *** فِيْها لِمِثْلِكَ رَاحَاتٌ مِنَ التَّعَبِ

بقلم: عبد الرحيم صابر

-------------------------------
اللهم إنا عبيدك، أبناء عبيدك، بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك،
نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا،
اللهم ذَكِّرنا منه ما نُسّينا، وعلِّمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار؛ على الوجه الذي يرضيك عنا.

الثلاثاء، 26 مارس 2013

01) بصمات من صفحات الحياة














البصمة الأولى: لوحة البداية



خرجت إلى الحياة في يوم من أيام الشهر الرابع من سنة 1976 للميلاد، كما يخرج كل مولود في عافية تامة وصحة جيدة.
وكان مسقط رأسي حيا من أحياء مدينة عتيقة من مدن بلاد المغرب، داخل أسوارها الشامخة التي تحفظ تاريخ بطولات وأمجاد تلك المدينة على مر التاريخ.
في أحد أحيائها ولدت
على فراش متواضع، وبيت متواضع، وأهل تعليمهم جد متواضع
كل ما ترعرعت فيه وما حولي متواضع
دور متداخلة تعانق بعضها بعضا كما هو غالب قلوب أصحابها بينهم
وأزقة ضيقة طويلة ممتدة متفرعة لكن لا منفذ لها ولا مخرج تماما كما هو طموح سكانها
بناء من خام الطبيعة، عليه من التصنيع ما يفي بما يكفي للحياة، تماما كحالهم في مدارك العقل والفكر
فالأحياء القديمة تتسم ساكنتها بالتآلف والترابط الاجتماعي المكين، والتعاون والتناصر، لكنها أمام هذا الغنى والثراء الاجتماعي فقيرة من العلم والتعلم والوعي سواء الديني أو الدنيوي.
ترتيبي كان الثالث وما أدراك ما رقم ثلاثة – فموازين هذه الحياة على ما تقدم، الإنجاب فيها أرقام مجردة، لا هدف منشود، ولا غاية مأمولة، ولا نية مبيتة، إنما تخرج إلى الدنيا كرها وضرورة غالبا، فلا تكون أنت مرادا إنما جئت كما يأتي الجميع، وكأني في هذه اللحظات أسمع همس أحدكم يقول: إنها نظرة تشاؤم. لكني أقول من عاش ولامس أدرى ممن سمع، وليس الخبر كالمعاينة – ما سبقني كلهن إناث ثم لحقني على أخرة صغير غمر فيما عشناه بعد.
أمي هي أمي حقا حنانا وعطفا، لها في كل قلبي مكان ركين، راعيتي ومؤنستي، إن أظلم كل شيء أنارت، وإن أنار كل شيء أشرقت، نظرتها لا تفارقني، تبعث في نفسي الأمل وإن كان حلما، تراني نافعا يافعا وإن كنت غير ذلك، تراني أستحق الحياة والدعم والمساندة، فمحبة الأم صادقة لا يعتريها تظاهر ولا نفاق، إن أحبت أحبت صدقا، وكذلك الأم دائما تكون.
لي أعمام ستة نعيش معهم في منزل ضخم كبير الباحة حتى أن أبناء العم يلعبون فيه كرة القدم، لم يتزوج آنذاك من أعمامي إلا الأكبر فيهم، وأبي هو تاليه في السن لذا كان زواجهما في يوم واحد، اقتصادا لمصاريف الزواج.
ولي أخوال أربعة يزوروننا بين الفينة والأخرى، لطفاء جدا وظرفاء، أخلاقهم جميلة، وكلماتهم مضبوطة موزونة، منهم تعلمت جميل الحديث وحسن الكلام.
أدركت جدتاي وجد لامي.
هذا مجمل المشهد والمرأى البعيد للزمان والمكان بل للصفحة التي ستحمل ما يأتي من الأحداث.
ولا شك أن لجو هذا عبيره، ولحال هذا وصفه وتقديره، لبصمة رسمت معالم حياتي من بعد، وخطا عليه نسجت خيوط تلاقت لتخط ما سطر في عالم الغيب على صفحات الأيام والليالي
فكانت بصمة لا تنسى.

رفيق الحياة







أيام مضت وأيام تأتي، حلقات متماسكة لسلسة من الزمن، لا تدري متى يحين رؤية آخرها.
سنوات وأنا عليه وله ملازم وهو بحضرتي معد، فلم أعد أحصي الساعات فقد كثرت عن الإحصاء والعد، ولا الأيام المتشابهة التي فقدت حس التباين بينها والحد،
ولا الأعوام فقد انقضى ربيع الشبيبة وانصرم حبل التشبيب (1)، وصرنا إلى فصل تساقطت فيه أوراق الغصن الرطيب، واستحالت النضارة نذارة فلا شيء في هذه الدنيا رتيب.
يُذكر ملحظه بحال الدنيا،
له صوت مهيب، ولغالب الناس منظره رهيب، لن تحب زيارته لحبيب، ولا قربه من بعيد عنك ولا قريب.
يأخذ من ثوب كل عصر جديد جديده، فينصهر في الحداثة شكله ومظهره، مع أصالة فكرته وثبات مبدئه وغايته.
لم أعقل الحياة إلا وهو بجانبي، كلما ناديته أجاب بحاله: لبيك.
لا يمل من طلبتي وخدمتي، ولا يرفض لي سعيا ولا يرد حاجتي، صديق صباي وطفولتي، وأخو شدتي وشبيبتي، ورفيق كهولتي.
يصونني أن أُدنَّس بالتراب، ويؤنس خلوتي في غياب الأتراب.
صبر على جفوتي منه حتى ألفته، وتحمل حرجي من رفقته حتى عشقته.
يمكث بمقربة لايتكلم لابثا، ويستقر بلا حراك ملبيا قانتا،
همه أن يبلغني مرادي، ومناه أن يحفظ حبي له وودادي.
فرش لي وأوكأني من أرفق المطايا، وأعد في مجلسه لي مطارفا وحشايا، وكان أجمل الهدايا من تحف أو عطايا.
رفيقي هو:
كرامة لي في زماني، رفعة في مكانتي ومآلي، سَنَى أمل أشرق في ظلام أحلامي، وختام ما يصوغ كلامي.
يعيش لي بسلامته ما حييت، وأبادله بالوفاء وفاء ما بقيت.

همسة بيني وبينكم: فهل عرفتم رفيقي؟
-----------------------
(1) أردت أصله وهو ذكر أيام الشباب.

الاثنين، 25 مارس 2013

أما آن الأوان






لماذا تستمر حياتنا خبط عشواء
وإلى متى نسير هذه المسيرة العمياء
نستمر في اتباع كل مهلكة وضراء
وفي اقتفاء كل خصومة وشحناء
أما آن للعقل أن يحكم بدل الأهواء
أما آن للهوى أن ينزوي فنصير عقلاء
أما يكفي ما ضاع من أعمارنا والسنين
أما أتاك للتعقل اشتياق أو حنين
أما تعبت القلوب من حياة اللهو واللعب
أما اشمأزت من كون حياتها كلها كذب
أليس هذا أواننا أن نفيق
أليس ذا أوان الحساب العميق
إلى متى ننتظر.. ونبقى على الضياع ونستمر
إلى متى هذه الـ"سوف" تسري في دمائنا وتستقر
أما آن الأوان بحلول رمضان
أما آن الأوان فقلبي لحبه ظمآن

ألم يأن وقت القلوب بعدُ والأرواح
أم صرنا مع المادية مجرد صور وأشباح
أما يحق لأرواحنا أن تحلق عاليا في السماء
أما يحق للنفوس أن تغرد مرحا كل صُبْح ومساء
أما آن أوان الكرامة والسعادة
أما آن أوان الطاعة والعبادة

أليس لنا طموح وآمال
أليس لنا من الشجى أحوال وأشكال
فلم هذا الركوع والخنوع
ولم الانبطاح وهذا الخضوع
أليس لنا في سمية أسوة وعمار
أليس في تاريخنا أخيار وأبرار
فلم لا نقدم للدين أعز ما عندنا وأغلا
ولم لا تكون التضحيات أسمى ما لدينا وأعلا
فأين إنفاق فيه من طارفِ مالٍ وتلاد
وأين دفاع عنه في كل قطر وبلاد

أما آن أوان الجد والعمل
أما آن ترك الهزل والكسل
كفى من بكاء وصراخ وعويل
كفى من نفخ في الخطوب وتهويل

أما آن أوان هجر المعاصي والذنوب
أما آن أوان تزكية القلوب
أتحب العيش بوجهين.. فتنافق
أم بصورتين.. فلن أبدا تصادق
أما آن اهتمام بالبواطن كالظواهر
أما آن صفاء الباطن والسرائر

إنها نبض قلب جفا وانزوى فقسى
إنها حب وأحزان وأشواق وأسى
إنها صفحة الكتاب الذي قد تم فوفى
إنها دمعةُ عينٍ بكت على الذكرى وكفى

الأحد، 24 مارس 2013

ما أصعب التخلي عن الحلم









احترت حقا أين أضع هذا الموضوع ففيه شبه من القصة وفيه بوح وكلاهما عن حقيقة
كتبت ما أكتب الآن وأنا مرسل لجواد قلمي زمامه
أردته أن يكتب بوح قلبي مسترسلا من كل قيد لسياق المحاور، أو انتقاء لدقيق الألفاظ، أو اختيار لجميل العبارات
أردت وتركته اليوم يكتب على سجيته متحررا من عبودية الفكر وبراعة الأسلوب
فمنذ أن عقلت معنى الامنيات وأنا أحلم
حلمت بآمال كبار جدا وأنا لا زلت صغيرا جدا
كنت ما أرسمه وأنا في أوائل الدراسة يعلق على جدار القسم المدرسي
فكان حلمي الكبير في صباي بأن أكون رساما
ثم لما نلت في الرابعة ابتدائي جائزة العام بسبب حصولي على المركز الاول على صعيد المدرسة
وكانت الجائزة رواية لأديب انجليزي لا أتذكره الآن جيدا لكن أذكر أنها كانت من ترجمة المنفلوطي
أمضيت صيف ذاك العام أقرأ كل يوم منها مقطعا
فكان حلمي الكبير آنذاك أن أكون كاتبا
ثم عشت سنينا ضاع فيها الهدف مني بسبب عدم إكمال الدراسة، وقبوعي في البيت
لكن أنقذتني في تلك السنين نصيحة لأستاذ قد درسني في الابتدائية، لن أنسى جميله، فحين علم بانقطاعي عن الدراسة التقيته مرة في إحدى الحدائق قدرا، وكان جالسا بهدوءه المعتاد فرحب بي وتجاذبنا أطراف الحديث فقال عندما هممت بالإنصراف ناصحا لي بألا أدع المطالعة والقراءة خشية وحتى لايضيع مستواك وحتى يبقى فكرك في تقدم
فكنت جريا على نصيحته أقرأ كل شيء وقعت عليه يدي
حتى إذا بلغت حوالي 17 عاما بدأت ألتزم وبدأت تتغير نظرتي للكون والحياة
فكنت معجبا بالشيخ ابن باز جدا فقيه العصر، وكنت أنبهر ببديهيته وقوة حفظه وسرعة استحضاره، وكذلك الشيخ الألباني محدث الأمة رحمة الله على الجميع
وكان حلمي الكبير حينها بل كان أكبر حلم تمنيته هو أن أكون عالما
لقد كنت أقرأ حوالي 16 ساعة يوميا
كنت أبدأ من صلاة الصبح الى صلاة الظهر ثم أغفو بعدها ثم من صلاة العصر إلى ما شاء الله من الليل
وكنت أدرس في فنون شتى
في الفقه، وأصول الفقه، والحديث،والمصطلح، والتفسير، وأصول التفسير، والنحو، والعقيدة، والفرق، وشيء من التجويد، وأطالع الشعر والتراجم والتواريخ والسلوك وحتى السياسة كنت أهتم بها
وكنت أُدَرِّس في حصص منزلية بعض هذه الفنون لمجموعة من الإخوة
كلهم يفوقونني في المستويات الدراسة وكان من بينهم جامعيون، فالحمد لله وحده
لكنه كان جهدا فرديا تنقصه المنهجية السليمة، ويعوزه الإرشاد والمتابعة والتقويم
لذلك لم يؤت ذاك الجهد من الثمار ما كنت أرجوه
على أن ذلك انقطع لظروف يطول ذكرها
لقد تركت كل ذلك ورائي الآن.. تركته مرغما
تركت كل ما كنت أحلم به وآمنت بقدري مع كل الرضى
لذا سميته حلما لأني أدركت بأنه كان حلما فقط
كم كان شديدا علي ترك كل ذلك.. وكم هو صعب أن تتخلى عن أحلامك وآمالك
إن لعين لتدمع على أيام حلوة المذاق بحلم ذي جلال وجمال
وداعا أحلام الصبا والشباب.. وداعا أيتها الأماني والآمال
لم تساعدني الظروف ولم تأت بما أبتغيه الأيام
ضاع مني في اقتفاء حلم لن أدركه سنين وأعوام
ولم أجد حلمي الحقيقي بعد.. ولا زلت أبحث عنه إلى الآن