الثلاثاء، 26 مارس 2013

رفيق الحياة







أيام مضت وأيام تأتي، حلقات متماسكة لسلسة من الزمن، لا تدري متى يحين رؤية آخرها.
سنوات وأنا عليه وله ملازم وهو بحضرتي معد، فلم أعد أحصي الساعات فقد كثرت عن الإحصاء والعد، ولا الأيام المتشابهة التي فقدت حس التباين بينها والحد،
ولا الأعوام فقد انقضى ربيع الشبيبة وانصرم حبل التشبيب (1)، وصرنا إلى فصل تساقطت فيه أوراق الغصن الرطيب، واستحالت النضارة نذارة فلا شيء في هذه الدنيا رتيب.
يُذكر ملحظه بحال الدنيا،
له صوت مهيب، ولغالب الناس منظره رهيب، لن تحب زيارته لحبيب، ولا قربه من بعيد عنك ولا قريب.
يأخذ من ثوب كل عصر جديد جديده، فينصهر في الحداثة شكله ومظهره، مع أصالة فكرته وثبات مبدئه وغايته.
لم أعقل الحياة إلا وهو بجانبي، كلما ناديته أجاب بحاله: لبيك.
لا يمل من طلبتي وخدمتي، ولا يرفض لي سعيا ولا يرد حاجتي، صديق صباي وطفولتي، وأخو شدتي وشبيبتي، ورفيق كهولتي.
يصونني أن أُدنَّس بالتراب، ويؤنس خلوتي في غياب الأتراب.
صبر على جفوتي منه حتى ألفته، وتحمل حرجي من رفقته حتى عشقته.
يمكث بمقربة لايتكلم لابثا، ويستقر بلا حراك ملبيا قانتا،
همه أن يبلغني مرادي، ومناه أن يحفظ حبي له وودادي.
فرش لي وأوكأني من أرفق المطايا، وأعد في مجلسه لي مطارفا وحشايا، وكان أجمل الهدايا من تحف أو عطايا.
رفيقي هو:
كرامة لي في زماني، رفعة في مكانتي ومآلي، سَنَى أمل أشرق في ظلام أحلامي، وختام ما يصوغ كلامي.
يعيش لي بسلامته ما حييت، وأبادله بالوفاء وفاء ما بقيت.

همسة بيني وبينكم: فهل عرفتم رفيقي؟
-----------------------
(1) أردت أصله وهو ذكر أيام الشباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق