الأحد، 31 مارس 2013

هزّان الحلاقم تجربة مرّة | فطيمة المراكشية




هزّان الحلاقم

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لا أعرف من أين أبدأ الكلام !!

كنت في صغري أعاني كثيرا من إلتهاب اللوزتين .. ( الحلاقم ) ..
وكانت ( جدتنا ) .. هذه الجدة الله يرحمها ليست جدتي لوحدي ..
بل كل القبيلة تناديها جدتي .. لأنها هي من قطعت لهم البوط ..
مع أنني أنا لست ممن قطعت بواطهم لأنني وُلدت في مستشفى ابن طفيل بمراكش ..
بقرار من موريس جارنا الفرنسي .. الذي أوصل أمي للمستشفى عندما اشتد بها المخاض ..

هذا الموريس الذي لا ديانة له ولا يعترف بوجود رب العالمين ..
هو من أسماني ( فاطمة ) أو ( فتيمة باللهجة المراكشية ) .. جزاه الله خيرا كما يريد سبحانه ..

في الطريق إلى المشفى قال لأبي :

إذا جاء ولدا سمّيه محمدا , وإذا جاءت بنتا سميها فاطمة ..
الحمد لله أنه لم يقترح تسميتي جاكلين أو أماندا أو باتريسيا ...

نعود لموضوعنا :

قلت : عندما أصاب بالتهاب اللوزتين تأتي ( جدة القبيلة ) لتعالجني علاجها التقليدي ..
طبعا أمي تستجيب لنصائح الجارات في ذلك الوقت , واللواتي كبيرات وأمي باعتبارها برهوشة وصغيرة فالسن
..
كانت تسمع الكلام لاحترامها لهن وتلبي المقترحات بعذر أنهن أعرف منها في هذه الأمور بل وكل الأمور ..

تأتي جدتنا وتبدأ في تجهيز أدواتها المكونة من الأعشاب ( المجهولة ) ..
وقطعة قماش طويلة مربوط بها ربطتين على شكل عقدتين بفاصل بسيط ..

أولا تبدأ بخلط الأعشاب في طاسة صغيرة بماء الورد ..
وبأصبعها العجيب الشكل والأسود بالحناء والمسطّح والشديد الخشونة ..
تبدأ في غطسه في الطاسة وإدخاله في الحلقوم مع الضعط ..
طبعا أنا أكون قد قاربت على فقدان الوعي ..

أصرخ بين كل إخراج الأصبع حتى ينقطع صوتي ..
وأمي غير موجودة لأنها تختفي عند إجراء هذه العملية ..
أعرف أنها لا تطيق رؤيتي في هذه المجزرة ..
وعندما تعود تكون عيناها محمرّتين .. ( بالبكاء ) ..

بعد الدواء المزعوم تأخذ القماشة أمّ الربطتين وتضع كل عقدة في اتجاه لوزة وتهزني كالمشنقة ..

لا تسألوني ما إحساسي في هذه اللحظة نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إنه التعذيب بوسائل يدّعون أنها علاجية , ولكن في نظري لا تقل عن وسائل التعذيب حتى الإعتراف بالجرم ..

عندها تربط رأسي وتغطيني لأنام .. طبعا سأنام غصبا عني ..
لأني أحس وقد أُفرج عني من بين يدي هذا الجلاد جدتنا ..

الغريب في الأمر أن بعد هذه العملية الغريبة نبرأ ... نعم يبرأ من نالها ...
وهذا ما جعلها متداولة بين الناس في ذاك الوقت ..

كانوا يسمون هذا المرض أو هذا الإلتهاب بـ ( طياح الوذنين ) ..
كنت ورغم صغر سني أريد فهم اللفظ والمعنى والربط بينهما فكنت أسأل :

لماذا تقولون طايحين لها الوذنين وأنا وذنيا فبلاصتهم لم يتحركا من مكانهما في طرفي رأسي ؟

لا أجد طبعا جوابا .. وحينما كبرت ما زلت لا أعرف ما علاقة اللوزتين بطياح الوذنين ..

ودمتم سالمين | من خربشات فطيمة المراكشية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق