الاثنين، 1 أبريل 2013

حول طاولة العشاء | فطيمة المراكشية



حول طاولة العشاء

- أريد أن أصبح طبيبا
- وأنا أمي سأصبح طيارا عندما أكبر

لكن أمل منزوية على الكرسي في صمت ترسم بالملعقة في صحن المعكرونة
أو ربما تعد حبيباتها أو ترتبها في تناسق غير مكتمل
كأن بها فوضى تخالط أفكارها الطفولية لا تعرف للتركيز مصيرا
غائبة تماما عن مهام اختيار ( الوظيفة ) من إخوتها الأصغر منها

فاجأتها الأم وابتسامة تعلو أحاسيسها كأم أفرطت في تعاطي الأمومة
- وأنتِ يا أمل ماذا تريدين أن تكوني مستقبلا ؟
بنظرة متثاقلة , وحركة بيدها تقلب محتويات الصحن ببطء ردت :

- عندما أكبر أريد أن أتزوج

انفجر الأبوان بالضحك فما بال هذه الطفلة التي لم تتجاوز الثمان سنوات ما فكرت إلا في الزواج !!

بسؤال من أبيها :

- وهل في رأيك الزواج وظيفة ؟

أمل : لا أبي ليس وظيفة ولكنه شيء يفعله الجميع

الأب : ولماذا يفعله الجميع يا أمل ؟

أمل : لكي ينجبون أطفالا ويجلسون على طاولة الأكل يسألونهم ماذا سيصبحون عندما يكبرون

الأب : وهل هذا هو السبب الوحيد الذي يتزوجون من أجله ؟

أمل : ومسحة العبوس لم تفارق محياها الرقيق من أول جلوسها على الطاولة :
لا .. ليس السبب الوحيد

الأم : ماذا أيضا يا أمل ؟

أمل : يتزوجون ليتشاجروا ويصرخون على أطفالهم وقت الشجار
وتدخل الأم لغرفتها وتبكي لوحدها ..
ويخرج الأب غاضبا ولا يأتي إلا في ساعة متأخرة من الليل ...

الأب : ألا يوجد سبب جميل يتزوجون من أجله .

أمل : بَلا ... يوجد

الأب : وماهو ؟

أمل : ليقول الأب للأم أحبك ويمسك بيدها ويقبلها , وهي أيضا تقول له وأنا أيضا أحبك ..
ولكن يا أبي لم أرى هذا السبب في بيتنا .. بل رأيته عند ماما وبابا لفادي جارنا ..
ورأيته أيضا في الأفلام في التلفزيون فقط ولم أراه بينك أنت وماما ..

نظر الوالدان في ذهول في وجهيْ بعضهما عندها أدركا المغزى
لقد وصلت الرسالة

فهل يا ترى ستكون تنبيها لهما لاستدراك الأمر ..
أم أنهما سيركنانها على رف أول فرصة ( للشِّجارات ) كالعادة ..؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق