الاثنين، 8 أبريل 2013

جيلنا قبل 30 سنة من ذاكرتي | مقارنة جيلين | فطيمة المراكشية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


سأتكلم بلغة جيلنا الثلاثيني وما فوق ..

عندما كنا نعيش حياة البساطة لأغلبنا , ونرضى بكل ما فيها لأننا لم نرى غير الوسط الرائع الذي عشنا فيه بقناعة ..
وبيئتنا التي تضمنا في أحضانها بمستويات مادية ومعيشية تكاد أن تكون متقاربة ..

- فتعلمنا في المدارس هي الأخرى من بنايات تشبه واقعنا المعاش ..
وتتلمذنا على يد معلمين أكثر كفائة ذهنية وبساطة ..يكادون أن يشبهوننا في المستوى الحياتي ..

ندخل الفصول أو كما كنا نسميها بلغة عصرنا ( الأقسام ) , منا من يتأبط عدته لطلب العلم مخنوقة في كيس بلاستيكي ..
ومنا من يربطها بحبل حتى تبقى متجمعة مع بعضها ..
ومنا مَن والدته قد تفننت في خياطة شبه حقيبة من بقايا القماش , بطريقتها التي ( تثقنها ) ..
وبأناملها المنهكة بأشغال البيت الشاقة حينها مقتطعة جزءا من وقتها الثمين ..
ومنا من أنعم الله عليه بحقيبة نراها كـــ ( بدخ وثراء ) ..لا لشيء سوى أنها من صنع ( السوق ) التجاري المحلي ..
ليست Made in Itali ولا In china ..

كنا نجلس متفائلين في أماكننا , همنا الوحيد هو أخذ الدرس من فكر أستاذنا الفاضل الذي يشع بكل البركة والثقة والعزيمة والأمانة ..

ليس في مخيلتنا لا التحيّن للعوة للبيت حتى نجلس أمام جهاز الـ ( PC ) ..
ولا أن نلعب باشكال البلايستيشن ..والألعاب الإلكترونية ..ولا أن نتبع لقنوات الفضائية
ولا أن نجول ونصول بالهاتف النقال , سواء مكالمات أو ألعاب أو اكتشافات تقنية ..

كنا نأخذ الدرس ونعود لبيوتنا الخالية من كل أنواع الترفيه إلا من تلفاز بالأبيض والأسود ..
هذا لمن هم في شيء من ( رغد العيش ) أو ما شابه إن صح التعبير ..
وفي غالب الأمر يرتقي مستوى الإعلام في تلك البيوت البسيطة إلى جهاز راديو ..
فقد كان أبي الله يطول في عمره لا يفارق توأم روحه الراديو ..
وكنا نملك تلفزيونا الأبيض والأسود لا يشتغل احيانا إلا ببعض اللكمات على ظهره وكأن به اختناقا ..

كان بعضنا ينجز الواجبات المدرسية على ضوء شمعة , أو قنديل من فتيل وزيت ..
ومنا من ارتقى فكانت ( الفانوس أو اللمبة بالكاز بها زجاجة تحفظ الفتيل ) ..
ومنا من كانت لديهم إنارة بالكهرباء ولكن هذا الحال نادر .. ومنهم حارتنا ولكن كان ينقطع بعد منتصف الليل ..
لكي تحضر البوطة الغاز أمّ الفتيلة التي ما إن نلمسها بأناملنا حتى تتفتفت فيكون النصيب ضربة حزاام أو جزمة تترك الأثر في أي مكان تمر منه

ما أريد التطرق إليه ايضا ضمن هذا الموضوع هو الفرق بين الحالة المعاشة وما يتضمنه المنهج الدراسي ..
طبعا في مجموعة بوكماخ , كانت تتصدر النصوص صورة عامة عن البوادي .. وبعض من الحضارة البعيدة مننا شخصيا ..
كنا نتجاوب معها بالخيال حتى نصل للمطوب إنجازه .. كذلك الأمر تعودنا على مسابرته حتى في السنوات التالية من الدراسة ..

فمثلا : موضوع الإنشاء معطياته تكون هي :

صِف لنا البحر - ذهبت للصيد أو الثلوج صف لنا ذلك - اين ستقضي العطلة الصيفية ؟ - اشترى ابوك سيارة صِف شعورك ... ؟

وما إلى غير هذا من المواضيع التي لا يمكن عيش واقعها آن ذاك إلا في الأحلام ..
نجلس نفكر ونتأمل ونحاول صياغة تلك التخيلات وانتزاعها من الفكر قبل أن يجهضها الواقع المعاش ..
يأخذها المعلم مهرولا بها فرحا بمن ( انجز أكبر كذبة ) .. أوَ ليس بالكذب على هذه العقول الطفولية .. !!

مثال آخر : عندما يكون نص الموضوع أو المعطى :
اشترى لك أبوك لعبة أو ثيابا جديدة أو ( حقيبة جديدة ) أو أو .. بمناسبة نجاحك ..صف شعورك ..

- سأصف شعوري أنا شخصيا نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة :
عندما أعود بشهادة نجاحي بابتسامة عبيطة عريضة على وجهي ( الصبوح ) ..
وعيوني جاحظة من الفرح , بحال المش إلا قاجّاه دفّة ..
وشعري ضد الجاذبية .. أو كشمس مشرقة في يوم ضاببي ..
وأنا أركض كنعجة الهاربة من ذئب أعور , لا ترى إلا الغبار ورائي ..
هذا كله لأقول لأبي : ( لقد نجحت ) .. أقف متمسمرة أنتظر ردة الفعل ..!!

أذكر أبي كان يرد عليّ : إلا نجحتي .. نجحتي غير لراسك .. >> إن نجحتي نجحت لنفسك

لست أدري .. هل هذا تشجيع منه بطريقته الخاصة .. أم هو قمة الإحباط لمجهود ( بئيسة مكافحة ) دام سنة دراسية كاملة ..
أم ( كبريائه ) كـ ربّ الأسرة لا يسمح له بالتنازل وقول كلمة حنونة رقيقة لطفلة تتمنى سماع ذلك ..

لقد ضبطتُ أبي مرة يقول لأصحابه :
بنتي تبارك الله كتقرا مزيان ديما كتنجح لدابا ما سقتات حتى فبيت وغادي تخرج مديرة ..
الترجمة - ( ابنتي دائما متفوقة ولم ترسب أبدا في أي فصل وستصبح مديرة )

شخصيا كنت أسأل نفسي :
مديرة ماذا ولماذا مديرة ؟ ربما كان يقصد نائبة مدير الواحة نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة فقد اختلطت عنده تنبآت بلّورته ولم يقرأها جيدا

وعندما إلتفتَ ورآني مقبلة سكت عن المديح كي لا أسمعه وكنتُ قد سمعت ..
ومع ذلك بدون هدية مادية ولا حتى معنوية .. كنا لا نيأس ولا نتباطأ في الجهود ونواصل المسير في الدراسة ..

نأتي لجيل اليوم ..
مفشش ومدلل .. شبعان حزارة حتى صار كتلة من الدسارة ..
حتى الأسلوب الترابطي بيننا وبين أبنئن بأسلوب الحوار الحضاري موجود ولله الحمد ..
لهم ما يريدون من مقتنيات العصر بغالب المخترعات , من إلكترونيات وأجهزة معلوميات ,,
دون أن ننسى الهدايا التشجيعية .. والكلام المعسول ..
وإن تفاقم عناده طبعا لابد من تمليح الجلد ببعض الضربات حتى يعرف أن الأمور ليست دائما بالدلال ..

والكارثة نجد أن فكرهم في الغالب لا يستوعب إلا بصعوبة ..
وعندما تنقضي السنة الدراسية يعتبرها عبئا قد تخلّص منه
وعند بداية السنة الجديد وكأن مخه قد مُسح بالممحاة ..
أو كأننا قد عملنا له : ( Delete ) بضغطة زر ..

ولا نقول إلا : لا حول ولا قوة إلا بالله

وسأتوقف لأنني رأيتُ أنني قد أطلت الحديث ..



وأترك لكم >> واسع النظر في القضية

من خربشاات | فطيمة المراكشية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق