الثلاثاء، 30 أبريل 2013

هذا ما حصل في بداية زواجي | رحلتي للبر




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رحلتي إلى البر قصتي حقيقية || فطيمة


القصة كما أذكرها وقعت أحداثها في اليوم 35 من زواجي ,
وعدني زوجي قبلها بأسبوع أن نقوم برحلة إلى الطبيعة بعيدا عن فوضى المدينة وتغييرا لجو الإعمار ..


وبما أنني في بلد غير المغرب لم أتعرف بعد على نمط العادات في أمور كثيرة ,
فقد انتظرت يوم الخميس بفارغ الصبر كي أهرب في رحلة خلاّبة أمتّع منها نظري ,
وآخذ شحنة تنشرح بها نفسي من عناء الروتين المُنهك ..


وها قد أتى يوم الأربعاء وقبل النوم واستعدادا للرحلة كنت قد جهّزت ما يمكن احتياجه ,
نقّعت الدجاج وقطّعت أوصال اللحم للشوي وغسلت السلطات والفواكه ,
ووضعت الفحم ومستلزماته في حقيبة خاصة ,
وأيضا فراش الجلسة والمساند والصحون وكل شيء ,
وفي الصباح حمّلنا أمتعتنا وركبنا السيارة في اتجاه >> الحرية ...


قطعنا مسافة ليست بالقليلة أرى البنايات مترامية الأطراف قد بدأت تقل وتقل إلى أن انقرضت ,
مشينا ومشينا ولم يبقى على الجوانب إلا كتبان الرمل , ا
الآن قد عرفت معنى ( الطريق الصحراوي ) الذي كنت أسمع يردده إخواننا المصريين في الأفلام ..


ما زلنا نمشي .. بدأ الشريف يحكي ويروي كل شيء وأي شيء منذ ساعة ونصف وهي المسافة التي قطعناها , خ
لّص الحديث , ومازلت لا أرى لا طير ولا شجر , فقد بدأت أفقد الأمل أن على الأرض أشجار أو عشب أو حياة حتى ..

دار في خُلدي أن الشريف قد ضيّع الطريق أو أنه قد أخذه الخط الرئيسي إلى مدينة أخرى دون أن ينتبه ...

لم أستطع أن أقول له شيئا لأنني ما زلت ( عروس ) يعني لم أدخل بعد مرحلة التمرد والإعتراض والشجب والإستنكار ..

وما زلنا نمشي ونمشي , وزوجي ما يزال يحكي ويتكلم ولكنني أصبحت لا أرى منه إلا شفتاه تتحركان ولا أسمع كلاما , لشدة شرود ذهني ..

تارة أقول : لابد أن الرجل قد أضاع الطريق ..

ما هذه الرمال التي تكاد تكون جبالا ؟
أين الورود والبساتين ؟
أين النخيل والمياه والشلالات ؟
أين الغابات والأشجار ؟

هذا ما كنا نخرج إليه للإستجمام والراحة في مغربنا الحبيب
وخصوصا مدينتي مراكش التي تتميز بشلالات أوزود والودياان والجبال بكل جمالها الذي لايوصف ,
وحتى الغابات وكأنها جنان مترامية الأطراف من اخضرار الدائم ...


في وهلة وجدت نفسي ألتفت إلى زوجي في تأكد هل هو زوجي , أم أنها عملية اختطاف من شخص لا أعرفه ..

لم أستطع الصمت طويلا فقلت له في حيااء يقطر من ( رقعة وجهي ) وابتسامة مصطنعة حتى لا أعكر الجو ( الرومانسي )
وسألته بصوت مبحوح من الصمت الطويل والكلام الكثير بداخلي :


- إلى أين نحن ذاهبان ؟
رد : إلى البر طبعا ..

- وأين يقع هذا البر >>
أحافظ على الإبتسامة حفاظا على عدم تلويث هذا النهار الأغبر ..
قال : خلاص قربنا بس ننزل من الطريق الفرعي وخلاااص ...


وفعلا لفّينا يسار وبعد 3 كيلو تقريبا دخلنا مساحة منبسطة ووقفنا ..

قال لي والفرحة تغمر وجهه ....
- وااااال أخيرا وصلنا ..!
علامة استفهام وتعجب ارتسمت فوق رأسي وأنا لا أرى إلا صحراء قاحلة وعلى مد البصر تلتقي الرمال بالسماء ,
بدأت أفرك عيوني مثل الرسوم المتحركة ربما أن عليها غشاوة , ولكنها الصحرااااء لااا غير منعدمة فيها الحياة كليّا ...



- ناداني : هيا ساعديني ننزل الأغراض ..
- قلت : وماذا سنفعل في هذا الخلاء ؟
- أجاب : خلااء !؟! ... هذه طبيعة رب العالمين تعالي ساعديني ..


ذهبت وبدأت أنزل ما جهّزته بالأمس وكأن الطير على رأسي ..
فرشنا ووضعت الحاجياتي وبدت لي كأنها كومة خردة معروضة للبيع في مكان نائي ..

أردت أن أفهم الموضوع لم أستطع ..

فرد الحاج قائلا :
ننتظر شوي بعد أن نستمتع بالجو الطبيعي ونضرم النار في المشواة لتجهيز الغذاء ..
وكم كانت وجهه مشرقا وهو يسحب قلمه من جيبه ويبحث عن ورقة ليكتب بعض أبيات من الشعر ,

( والتي خالجت دواخله من تأثير المنظر الجميل ) .. واااا ويلااااااااه .. وااا مغربااااااه الجميلاااه والرائعااااه

أما أنا فدموعي على وشك أن تمطر , وإحساسي ببركان يغلي جعلني أحس بإحباط شديد ..
يا شماتة أبله طازا فيّا ..

قلت في نفسي : يا ليتني في السنة الثانية أو الثالثة من زواجي لكنت قد أقمت قيامة في هذه اللحظة وجمعت عليه كل أفاعي وحيّات هذا البر ..


إذن نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة فقد جهزت الغداء وانا أستمتع بشلالات الرمال وبساتين الكتبان ..
طفحنا المشوي وأكلنا المقلي وشربنا السوائل وجلست أقرْقِش في عيوني والأمر لله من قبل ومن بعد


في العصر قال زوجي:

هيا نحمّل الأغراض لنعود أدراجنا قبل الغروب ..
أو تريدين أن تشاهدي الغروب وجماله هنا في هذا البر الجميل ؟ > وكأنه رآني متشقّقه من الغبطة والفرح
بل أريد أأن أرى أحد عفاريت سليمان في رمشة عين يأخذني للبيت >> قلت في نفسي

رجعنا نطوي الطريق عائدَين إلى البيت ..
وتخيلوني أنا .. >> ( وحالي ودموعي وابتسامتي والرمال ) ..

رجعت وكأنني أبو جهل وقد أضاع عصاه وعمامته ونظارة شانيل ..

أردت فقط أن أعرف ماذا كانت فائد هذه الرحلة على نفسيتي
فلم أجد إلا أنني في حاجة لأن أصرخ بأعلى صوتي حتى أُخرج غيضي ..
فقد ركب رأسي مائة عفريت أفريقي و13 جنّي آسيوي ..

عدت أدراجي كما يقول المثل المغربي :

كي ميت العصر ما دّا خبار وما جابها ..

ولا تسألوني عن معنى هذه المقولة .. صدقوني لا أعرف
إنما نقوله لمن لم يأتي بفائدة من أمر ما ...


هذه قصتي لرحلتي البرية في أول أسابيع من شهر >> العسل
قصتي كتبتها حتى تشاركوني الحلقة الأولى من الذكرياات ..

همسة بعد 10 سنين زواج :

للبر والرمال جمالها الخلاب وسحرها الذي يغيب عن من لا يعي هذا الجمال
ولا ننسى أنها تسمى الرمال الذهبية حينما تكتسب هذا اللون عندما ترسل الشمس عليها أشعتها
الشمس التي لن نرى أجمل من شروقها وغروبها إلى من هنا ونحن على بساط الرمال الصافية
والكثبان بذلك الرسم البهي كما رسمته الطبيعة وتعجز عن رسمه أيادي البشر إلا في لوحة بأنامل رسام
للصحراء جمال خاص له فوائد بصرية لمد البصر .. وصحية لنقاوة الهواء
هذه هي الرمال والصحراء التي لم أفهم لغزها إلا بعد سنين من رحلتي هذه

فطيمة المراكشية
المملكة المغربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق