السبت، 6 أبريل 2013

مفارقات على أرض خِصبة | فطيمة المراكشية


مفارقات على أرض خصبة أفقدت الميزان التوازن

في بلد يُقال أنه يملك من الدراهم أكثر من غيره , وفي شارع ما من منطقة ما , اصطفّت البيوت الفارهة تروي ألف حكاية وحكاية من قصص قارون وعزيز مصر وإرم ذات العماد , وتنطق بلغة الذهب الأسود , ذلك الذي أطلّ من زمن ليخبر فئة أنه لهم فقط لا لغيرهم , من أمام ذلك الباب المنقوش بزخارف بلون الذهب , مرّ ( العربي ) ابن نفس الأرض ويحمل نفس الجنسية وله نفس الإنتماء لذلك
التراب , في فترة ظهيرة وقد اشتدت أشعة الشمس , يجر خطاه في مشقة بنصف جسم يكاد يخلو من الحياة , رفع نظرة متثاقلة إلى الأسوار العالية , وتمتم بكلماات لم يسمعها إلى هو , واستمر يجر خيبات الزمن التي أثقلت كاهله وملأت قلبه آلاما ..

في نفس اللحظة خرجت صاحبة القصر في سيارة من عالم العجائب , تجلس في خيلاء وراء السائق المتعجرف , كيف لا وهو من بيده زمام الطريق , يوجّه المركبة إلى وجهة معلومة من سيدته القابعة في أبّهة موروثة , وتغدق عليه ليبقى ماسكا بالمقوة ( بإخلاص مدفوع ) بنظرة عابرة مرت بعينيها على ذلك ( العربي ) , وهو ما يزال يحاول قطع المسافاات المجهولة , استرق إليها النظر في غفلة من إشارة المرور الحمرااء , التي استوقفت السيارة برهة حتى تسنى للعربي أن يُكمل همهماته بصوت مسموع هذه المرة وخالي من الوجل ..

قائلا : - البطن الممتليء لن يحس أبدا بالفارغ , تنعموا وعيشوا فليس بالضرورة أن نحرك فيكم ساكنا , ملكتموها بالكامل حتى أصبحنا نحن أيضا من ممتلكاتكم , فأوراقنا الثبوتية تشهد بذلك , صدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام حينما قال : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) , ولكنه زمن كلهم راع وكلهم ليس له أدنى مسؤولية عن الرعية , لقد ماتت مشاعرهم , فقد نحرتها سكين الثراء , لقد أعمت أبصارهم السلطة وحجبت عنهم حقيقة هذه الدار الفانية , اجمَعوها وعُدّوها فلن تأخذوا معكم إلا قطعة قماش تستر جسدا سيكون طعاما للديدان إلى أن تنخر منه العظم , أجمعوا ما طاب لكم فلن تأخذوا منها إلا ما أطعمتم به مسكينا وسترتم به عوراات فقير جعل من التراب فراشا ومن السماء غطاءا , اليوم لكم وغدا عليكم إن اصرّيتم على الطغياان , لنا ربنا يرزقنا وقد رزقنا من الخير العميم ما يكفينا حاجياتنا دون نقصاان , ولكن أنتم من أخذ منا حقنا وتركتمونا نصارع الحياة كأمواج البحر العاتية , حتى انكسرت المجاذيف وأوشكت السفينة على الغرق , فهل من منقذ يا أصحاب المعالي ؟ فإن غرقنا اليوم فغرقكم غذا لا منجي منه إلا يدا امتدت بالحق لأصحابه , ولكن هيهات أين الحق ؟ وأنتم تحسبونها خالدة .....


من واقع مُعاش
بقلم : فطيمة المراكشية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق