الاثنين، 15 أبريل 2013

العقيدة وراثة أم تربية ؟ | حكاية من ذكرياتي فطيمة المراكشية


السلام عليكم ورحمة الله

العقيدة تربية أم وراثة ؟

من سنين مضت ليست بالهينة , كان لي لقاء مع إحدى الأخوات بالصدفة في باص ميترو في مدينة باريس ..
أمرأة في الاربعينات من عمرها محجبة واضح عليها آداب الإسلام والتدين من شكلها وحتى حديثها ..
هذا ما استخلصته من الحوار العادي الذي دار بيننا بينما نحن نجلس جوار بعضنا ..
ولم يكن باختيار .. بل لصدفة الرحلة في مدينة فرنسية , حيث ما إن تلتقي أخوك في العُرب حتى تتعرف عليه وكأنه أحد أفراد العائلة تائه منك وعثرت عليه هنا على أرض الغربة ..

ما علينا .. تكلمنا في اشياء كثيرة سألتني عن حال المغرب وسألتها عن تأقلمها كمسلمة متمسكة وسط عالم متحرر .. وهكذا ... وحديث جر حديث ..

لب موضوعي هذا .. أنها حسب ما قالت لا تنجب لأسباب جعلتها تتبنى طفلا وطفلة رُضَّع قبل فوات شباب العمر ..

الطفل صار عمره 8 سنوات والطفلة صار عمرها 6 ..

تقول أن الطفل أخذته من إحدى الفرنسيات التي تخلت عنه رضيع بعد طلاقها من أب الطفل ..
يعني والدا الطفل فرنسيان مسيحيان ..

والبنت أخذتها من ميتم وهي مسلمة من أبوان مسلمان لكنها غير شرعية ..

هذه المرأة تسكن في قرية كلها مسلمين وقد ذهبت تلبية لدعوتها لي ..
قرية إذا دخلتها لن تصدق أنك في ضواحي باريسية , كل معالم العرب والإسلام والمسلمين موجودة فيها ..
كل التقاليد والسلوكيات المتوارثة بين المسلمين بجميع أنواعها يتحلى بها سكان هذه البلدة النائية ..
أغلب النساء محجبات وآذان الصلاة في أوقاتها في المسجد وإمام وصلاة جماعة ومسجد النساء وآخر للرجال .
ودار لتحفيظ القرآن ومدارس بها مدرسين عرب متطوعين وفَّرَتها لهم الحكومة الفرنسية بترخيص قانوني ..
للحفاظ على الهوية الإسلامية لهؤلاء الساكنين هنا وكما طلبوا بموافقة موثقة .. في داخل القرية ..

طبعا المدرسة الحكومية الرسمية مختلطة عرب وغرب مقرها قريبة من وسط قلب باريس وهذا البديهي في فرنسا


هذه المرأة ربت ولديها على نفس النهج .. البنت ظهرت عليها بوادر التربية الإسلامية بكل حدافيرها بدون اي مشاكل ..
حيث تسارع إلى حفظ القرآن مع باقي الأطفال وتحاول تأدية الفروض بنشاط ورغبة كما عودتها وعلمتها هذه الأم ..

لكن الغريبة أن الولد متمرد بشكل لم يفهمه أحد ..
لا يخالط الفرنسيين إلا في المدرسة الحكومية ... لأنهم غير متواجدين في المنطقة التي يسكنها ..
ومجتمعه كله من أبناء القرية وأهلها والأم والأب متدينين ولا خلاف ..
لكن الولد ومن صغره يرفض شيئا إسمه قواعد إسلامية , وله أفكار خاصة به لم يتعلمها من أحد ..
اتجاهه الفكري يسحب نحو المسيحية ولا يريد تقبل الطبع العربي الإسلامي ..

( للمعلومة فقط .. هو لا يعرف أنه مُتَبَنى .. لكي لا نقول أنه يريد البحث عن أصله المسيحي والتمسك به ..)

تعبت الأم هذه والأب في إقناع الولد باتباع نهج المنطقة التي هو منها ..
وحاولوا وضعه في طريق النهج الإسلامي الصحيح ولكن بدون فائدة ..

بعد رجوعي للمغرب وبعد سنوات بقيت على اتصال بهذه المرأة وهي دائما تجدد وتواصل شكواها من هذا الولد ..
لأن عمره أصبح 15 سنة وآثار المسيحية واضحة جليا في كل تصرفاته ..

الإستنتاج :

الولد شرعي حسب العقد المسيحي لوالديه الأصليين ( اي انه ليس حملا سفاحا )
والبنت مسلمة رغم أنها غير شرعية , ومع ذلك ميولها إسلامي بحْت ..


السؤال :

كيف استطاع هذا الولد أن يميل هذا الميل إلى المسيحية دون حتى أن يكون له علم أن أصله مسيحي ..؟

واين هذا الولد من القول :

كل مولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه


هذه حالة يمكن أن تكون نادرة جدا ولا أهمية لها في نظر المار من هنا ..

ولكن حتى لو نسبتها 1% لا نغفل التأمل في الأمر

لكن السؤال الأهم هو :

هل للجينات دور في نقل التدين الأصلي للفرد ؟



ودمتم سالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق