الخميس، 28 مارس 2013

02) كيف نستفيد من قراءة القرآن






قد وعدت بضرب مثال تطبيقي لما مر في الموضوع الاول وهذا أوانه
سنجعل عنوانا: شروط قبول العمل
ونحن نعلم مسبقا أنها ثلاثة: شرط في العامل وشرطان في العمل
1= أن يكون العامل مؤمنا
2= أن يكون العمل خالصا لله
3= أن يكون العمل على سنة أي عليه دليل وبرهان
لكننا نريد أن نلمس هذه الشروط من زاوية القرآن كيف صاغها وتحدث عنها بصورة متناسقة متينة
وسآتي بآيتين فقط
الأولى قوله تعالى من أوائل سورة الإسراء {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)}
والثانية قوله تعالى من أواسط سورة الأحزاب مخاطبا نساء النبي صلى الله عليه وسلم {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}
ــ غريب الآيات
السعي: المشي السريع ويستعمل للجد في الأمر
والحُسن: عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه
ــ مقاصد عنواننا
1= أن يكون العامل مؤمنا: من الآية الأولى: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} - من الثانية: الخطاب لنساء النبي فهو خطاب لمؤمن
2= أن يكون العمل خالصا لله: من الآية الأولى:{أَرَادَ الْآخِرَةَ} - من الآية الثانية: {تُرِدْنَ اللَّهَ }
3= أن يكون العمل على سنة: من الآية الأولى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} - من الآية الثانية: {لِلْمُحْسِنَاتِ }

ــ تأمل لسياق الآيات
أ= حث الله في سياق الآية الأولى على الإخلاص بإشارات أربع: سمى غير الآخرة بالعاجلة، واشتق من اسمها فعل الجزاء ليدل على أن كل عاجل ذاهب لا محالة، ثم علق جميع ذلك بمشيئته، ولمن أراد له ذلك كونا وقدرا، فبالله عليك كيف تراد الدنيا بعد هذا الوصف والخبر
ب= أضاف السعي للآخرة {سَعْيَهَا} ليدل على أن هناك من يسعى للآخرة لكن بغير سعيها، وسعيها هو ما سعى به النبي صلى الله عليه وسلم لها فذاك الذي يضاف إليها
ج= وفي الآية معنى بديع وهو أن أمر العبد في هذه الحياة ليس بالهزل بل كله جد، ولأجل هذا المعنى جاءت بدل لفظ العمل مفردةُ السعي
د= لم يختلف سياق الآية الثانية عن الأولى في الإخلاص من حيث المفردات إلا من سياق الحث عليه في الآية الأولى
وأضيفت الإرادة لله لأنه المراد بالأصل، وللرسول لأجل السياق والحادثة له، وللآخرة وهي المفردة المشتركة بين الآيتين
هـ= إختلفت مفردات الآيتين في الشرط الثاني حيث جاءت الإشارة إليه بالإحسان
وفيه زيادة معنى بديع وهي أن من سعى للآخرة بغير سعيها فقد أساء وما أحسن، لهذا وسم الشرط الثاني هنا بالإحسان
و= وفي سياق الآية الثانية معنى جليل متعلق ببيان أهمية الشرط الثاني حيث جعل سبحانه الإتباع إحسانا لا بد منه مع الإيمان والإخلاص، بمعنى أن إرادة أمهات المؤمنين لله وإخلاصهن -وهن من هن وفيهن مثل عاشة رضي الله عنهن- أن ذلك لا يكفي دون عمل صالح فعند ذكره للجزاء قال {أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ}
فانظر لهذه السياقات، وما أتت به من المعاني البديعة، ومن العظات والعبر الحسنات البليغة
وليكن -يا أخي ويا أختي- سعيك إذ تسعى على هدى النبي مبتغيا وراجيا ربك -وثوابه يوم اللقاء- على الجادة والجد فذاك الأجر العظيم والسعي المشكور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق