الثلاثاء، 26 مارس 2013

01) بصمات من صفحات الحياة














البصمة الأولى: لوحة البداية



خرجت إلى الحياة في يوم من أيام الشهر الرابع من سنة 1976 للميلاد، كما يخرج كل مولود في عافية تامة وصحة جيدة.
وكان مسقط رأسي حيا من أحياء مدينة عتيقة من مدن بلاد المغرب، داخل أسوارها الشامخة التي تحفظ تاريخ بطولات وأمجاد تلك المدينة على مر التاريخ.
في أحد أحيائها ولدت
على فراش متواضع، وبيت متواضع، وأهل تعليمهم جد متواضع
كل ما ترعرعت فيه وما حولي متواضع
دور متداخلة تعانق بعضها بعضا كما هو غالب قلوب أصحابها بينهم
وأزقة ضيقة طويلة ممتدة متفرعة لكن لا منفذ لها ولا مخرج تماما كما هو طموح سكانها
بناء من خام الطبيعة، عليه من التصنيع ما يفي بما يكفي للحياة، تماما كحالهم في مدارك العقل والفكر
فالأحياء القديمة تتسم ساكنتها بالتآلف والترابط الاجتماعي المكين، والتعاون والتناصر، لكنها أمام هذا الغنى والثراء الاجتماعي فقيرة من العلم والتعلم والوعي سواء الديني أو الدنيوي.
ترتيبي كان الثالث وما أدراك ما رقم ثلاثة – فموازين هذه الحياة على ما تقدم، الإنجاب فيها أرقام مجردة، لا هدف منشود، ولا غاية مأمولة، ولا نية مبيتة، إنما تخرج إلى الدنيا كرها وضرورة غالبا، فلا تكون أنت مرادا إنما جئت كما يأتي الجميع، وكأني في هذه اللحظات أسمع همس أحدكم يقول: إنها نظرة تشاؤم. لكني أقول من عاش ولامس أدرى ممن سمع، وليس الخبر كالمعاينة – ما سبقني كلهن إناث ثم لحقني على أخرة صغير غمر فيما عشناه بعد.
أمي هي أمي حقا حنانا وعطفا، لها في كل قلبي مكان ركين، راعيتي ومؤنستي، إن أظلم كل شيء أنارت، وإن أنار كل شيء أشرقت، نظرتها لا تفارقني، تبعث في نفسي الأمل وإن كان حلما، تراني نافعا يافعا وإن كنت غير ذلك، تراني أستحق الحياة والدعم والمساندة، فمحبة الأم صادقة لا يعتريها تظاهر ولا نفاق، إن أحبت أحبت صدقا، وكذلك الأم دائما تكون.
لي أعمام ستة نعيش معهم في منزل ضخم كبير الباحة حتى أن أبناء العم يلعبون فيه كرة القدم، لم يتزوج آنذاك من أعمامي إلا الأكبر فيهم، وأبي هو تاليه في السن لذا كان زواجهما في يوم واحد، اقتصادا لمصاريف الزواج.
ولي أخوال أربعة يزوروننا بين الفينة والأخرى، لطفاء جدا وظرفاء، أخلاقهم جميلة، وكلماتهم مضبوطة موزونة، منهم تعلمت جميل الحديث وحسن الكلام.
أدركت جدتاي وجد لامي.
هذا مجمل المشهد والمرأى البعيد للزمان والمكان بل للصفحة التي ستحمل ما يأتي من الأحداث.
ولا شك أن لجو هذا عبيره، ولحال هذا وصفه وتقديره، لبصمة رسمت معالم حياتي من بعد، وخطا عليه نسجت خيوط تلاقت لتخط ما سطر في عالم الغيب على صفحات الأيام والليالي
فكانت بصمة لا تنسى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق