الجمعة، 7 يونيو 2013

05) الرفق بالحيوانات أم الرفق بالبيئة \ آمنة عمر امغيميم



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الرفق بالحيوانات أم الرفق بالبيئة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الإيطاليون تعلموا شيئاً اسمه الرفق بالحيوانات
فأقبلوا على تربية الكلاب بمختلف أشكالها .. و رفقاً بهذه الكلاب فإنهم يأخذونها
في جولات صباحية منتظمة لقضاء حاجاتها .
مدينة روما الإيطالية مدينة جميلة .. مدينة التاريخ و الحضارة و القصص و الحكايات
إنها مدينة الحب و العشق و الرومانسية .
ليتكم تتصوروا معي امتزاج هذا الجمال بفضلات الكلاب التي تملأ شوارع و أزقة المدينة بمختلف ألوانها و احجامها و راوائحها النتنة .
يرفق الإيطاليون بكلابهم رفقاً لا بعده و لا قبله .. فلا يهم إن اتسخت الشوارع و تعفنت البيئة
لا يهمهم إن تمرغ الأطفال صباحاً في طريقهم إلى مدارسهم في ما تتركه هذه الكلاب المدللة على الأرصفة .
أذكر ذات صباح كنت في طريقي رفقة ابني إلى المدرسة .. و بما أنني دائماّ مشمئزة من حال الشارع الذي أسكن فيه بسبب هاته الكلاب المدللة و مربيها الذين ينعدم عندهم كل إحساس بالمسؤولية و الواجب تجاه شارعهم و بيئتهم التي يترعرع فيها أطفالهم .. كنت أحرص على المشي وسط الطريق كي أتفادى الوقوع في فخاخ الكلاب المنصوبة على الأرصفة و تحت الشرفات .. و هذا طبعاً لأنني لم أنج منها سابقاّ .. بينما أحث خطاي ممسكة بيد ابني الصغيرة الناعمة بكل قوة خوفاً من أن تنفلت من بين أصابعي وسط طريق يعج بالسيارات و الدراجات التي تسابق الزمن .. سمعت صوتاً مألوفاً .. صوتاً يتعالى بالسب و اللعنة و كل أنواع الشتائم الشائعة في المجتمع الإيطالي .. لم يمنعني فضولي من الالتفات إلى مصدر الصوت لأجد أن صاحبه هو زوج جارتي و الذي كلفته طبيعة الحياة الزوجية باصطحاب ابنته ذات الخمس سنوات كل صباح إلى المدرسة .. إلتفت أكثر من مرة لمعرفة سبب صراخه لكن السيارات كانت تحجب عني تأطير الوضع جيداً لهذا قررت الاقتراب منه لمعرفة ما يجري .. كانت صدمتي كبيرة و أسفي أشد .. امتزجت أحاسيسي بالتأسف مع الاشمئزاز حين وقعت عيناي على منظر تلك الطفلة الجميلة ذات الجدائل الذهبية و العينين الواسعتين البراقتين متمرغة في خليط من شيء لونه أخضر قاتم و بني فاتح و تفوح منه رائحة كرائحة " القديد " .. لطخت ملابسها الوردية من الواجهة الأمامية و الحذاء الأسود اللامع و يدها اليسرى .. كانت تبكي بمرارة و تنادي امها التي تصورت حالتها لو وجدت في تلك الساعة المعنونة " كارثة الصباح "
صوت الرجل العالي و صياحه لم يسعفه بشيء فلا أحد سيكف عن هذه التصرفات المقرفة .
أخذت الطفلة إلى أحد المقاهي القريبة لاغتسالها في حين ذهب والدها إلى محل لبيع ملابس الأطفال و الذي يبعد عن المدرسة ببضع أمتار ..اشترى ما لزم الطفلة من ملابس و أخذها إلى المدرسة و هي تنط فرحاً بملابسها الجديدة بينما شرارات الغضب تتطاير من وجه ذاك الرجل المسكين الذي وجد في موقف تفوح منه رائحة الكلاب النتنة .
هذه هي حالة شوارع روما و أزقتها .. كلاب تسرح هنا و هناك جميلة سمينة تشع من أعينها السعادة و الدلال و بيئة تبكي كل صباح و مساء بمجرد خروج هذه الكلاب التي يرفق بها أصحابها أحسن رفق .

بقلم آمنة عمر امغيميم
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق